للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع أنه قد كان الإنسان والإله اثنين متباينين -وهمًا في اصطلاحهم- جوهران، فإذا صار الجوهران جوهرًا واحدًا، لا جوهرين فقد لزم ضرورة أن يكون هذا الثالث ليس هو إلهًا محضًا ولا إنسانًا محضًا ولا جوهران إنسانًا وإلهًا فإن هذين جوهرين لا جوهر واحد، بل شيء ثالث، اختلط وامتزج واستحال من هذا وهذا، فتبدلت حقيقة اللاهوت وحقيقة الناسوت حتى صار هذا الجوهر الثالث الذي ليس لاهوتًا محضًا ولا ناسوتًا محضًا كسائر ما يُعرف من الاتحاد، فإن كل اثنين اتحدا فصارا جوهرًا واحدًا، فلابد في ذلك من الاستحالة في اتحاد الماء واللبن والخمر، وسائر ما يختلط بالماء، بخلاف الماء والزيت، فإنهما جوهران كما كانا لكن الزيت لاصق الماء وطفا عليه لم يتحد به ... وبالجملة فجميع ما يعرفه الناس عن الاتحاد إذا صار الاثنان واحدًا وارتفعت الثنوية، فلابد من استحالة الاثنين (١)، وغير ذلك من المحاورات العقلية التى فند فيها شيخ الإِسلام هذه المقولة الباطلة.

ثانيًا: الأدلة التي يستدل بها النصارى على تأليه المسيح -عليه السلام-:

رصد شيخ الإِسلام، والعلامة رحمة الله الهندي، د/ سعد الدين صالح، د/ مريم زامل وغيرهم من العلماء -فترة البحث- أدلة القائلين بألوهية المسيح -عليه السلام- (٢) منها ما يلي:

[أ- بعض الأدلة من العهد القديم]

١ - قول أشعياء: "لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنًا وتكون الرياسة على كتفه ويدعي اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبديًا رئيس السلام" (٣).

٢ - وفيه أيضًا: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانويل" (٤) ومعني كلمة عمانويل "الله معنا" أو إلهنا معنا (٥).

٣ - وفي ميخا وهو يخاطب بيت لحم: "يخرج الذي يكون متسلطًا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم الأزل" (٦)، وغير ذلك من النصوص التي وردت في العهد القديم وتقرر ألوهية المسيح -عليه السلام- كما يدعون-.


(١) الجواب الصحيح: ٣/ ١٣٥، ولمزيد من التفصيل يراجع: ٣/ ١٣٦ - ١٤٦،
(٢) المرجع السابق: ٢/ ١٢٣، وإظهار الحق: ٢/ ٣٥٣ - ٣٥٥، ومشكلات العقيدة النصرانية: ص ٩٦.
(٣) الإصحاح: (٩/ ٦) ولد لنا ولد.
(٤) أشعياء: (٧/ ١٤) آية عمانوئيل.
(٥) قاموس الكتاب المقدس: ص ٦٣٩.
(٦) الإصحاح: (٥/ ٢) الوعد بملك من بيت لحم.

<<  <   >  >>