للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم وقف د/ المطعني مع هذه النصوص وقفة نقدية فاحصة قال فيها: إن المفاد الوحيد الذي تشير إليه النصوص المتقدمة ينحصر في هذين الوصفين:

١ - المسيح إنسان.

٢ - المسيح نبي مرسل.

ولا نزاع في هذين الوصفين؛ بل هما المعتقد الصحيح في عيسى -عليه السلام- وهما يفيدان قطعًا أن المسيح ليس إلهًا، إذ لو كان إلهًا فلن يكون إنسانًا ولا ابن إنسان، ولو كان إلهًا فلن يكون نبيًا ولن يكون رسولًا وها هو يقول: "الذي أرسلنى" فمن هو الذي أرسله؟ "هو الله" وهل الله يرسل "الله" مثله ... ثم قرر في نهاية بيانه هذا: أن الأناجيل خلت من أي كلمة تُشير إلى أنه قال عن نفسه إنه إله (١).

وقد خصص أبو الفضل المالكي السعودى في كتابه بابًا في إثبات نبوته ورسالته بما أظهر من معجزاته، وقال إن اليهود والنصارى ارتكبوا في شأنه تناقضًا واضحًا وكانوا فيه على طرفي نقيض، فاليهود رموه بالكذب والسحر واستخدام الشياطين في تحقيق أغراضه، والنصارى لم يعترفوا به نبيًا؛ بل قالوا بألوهيته وبنوته لله وأنه خلق العالم وغير ذلك من مخالفات وأباطيل.

وقد سار الشيخ رحمه الله في إثبات نبوة سيدنا عيسى -عليه السلام- ورسالته وفي نقده لعقائد النصارى على ما يلي:

١ - الالتزام بالمنهج العلمي في الرد على النصارى ونقد عقائدهم وإبطال مزاعمهم.

٢ - يغلب على نقده المنهج التحليلي للنصوص لبيان ما تهدف إليه في ضوء ما تحتمله ألفاظها دون مغالاة أو شطط.

٣ - طرح الافتراضات الجدلية استدراجًا للخصم فيما يدعي ثم التدرج به إلى التسليم والاعتراف بالخطأ، وبالتالي إبطال ما يدعو إليه.

٤ - يستدل على نقده للقضايا المختلفة بمعنى النص دون أن يذكر النص نفسه، وقد قام الأستاذ الدكتور / بكر زكي عوض بذكر هذه النصوص في الهامش مما يدلّ على تمكن فضيلته من معرفة ما تهدف إليه هذه المعاني من نصوص، فله جهد طيب في تحقيق هذا الكتاب.

هذا: وقد ساق الشيخ المسعودى جملة أدلة تؤكد نبوة سيدنا عيسى -عليه السلام- ورسالته منها: "من قبلكم وآواكم فقد قبلنى وآوانى ومن قبلنى فإنما يقبل من أرسلنى" (٢).


(١) انظر: الإسلام: د/ المطعني، ص ٤٠٣.
(٢) انظر يوحنا: (١٠/ ٤٠ - ٤٢) إرسال الاثني عشر.

<<  <   >  >>