للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول د/ عبد الكريم الخطيب:

إن كلمات الأب والابن والروح القدس التي تردد ذكرها في الأناجيل قد جاءت في سياقات تعطى لكل منها دلالة مستقلة ومفهومًا خالصًا بحيث لا يمكن أن يجتمع منها مفهوم واحد أو دلالة مشتركة، فالأب أب والابن ابن والروح القدس هو الروح القدس لكل ذاتيته وشخصيته (١).

ويقول الشيخ أبو زهرة: إن شروط استدلال النصارى بهذا النص على وجود الأقانيم الثلاثة غير مستوفاه إذ ترى أن تلك العبارات الشيخ عثروا عليها في كتبهم لا تفيد على وجه القطع ما يريدون؛ بل تفيد بأبعد أنواع الاحتمالات أو باحتمال قريب ومن المعلوم في قواعد الاستدلال أن الاحتمال إذا دخل الاستدلال أبطله وكل أدلتهم ينفذ الاحتمال إليها من كل جانب هذا وإن الاستدلال بكتبهم يفيد من يصدقها وهي ذاتها يعزوها النقد العلمي في سندها وفي متنها من كل ناحية فهي في ذاتها في حاجة إلى دفاع طويل لإثباتها (٢).

ويقول د/ عبد الكريم الخطيب، في موضع آخر من كتابه: (بل إنك لتقرا الأناجيل فصلًا فصلًا وكلمة كلمة، فلا توجد فيها إشارة من بعيد أو قريب إلى ما يُعرف بالأقنوم أو الأقانيم) (٣).

ومن خلال ما سبق يتبين أنه لم يرد في العهد القديم ولا في العهد الجديد نص يدل دلالة صريحة على التثليث أو الأقانيم وبالتالي فهذا الادعاء من النصارى إدعاء مردود لأنه لا يوجد دليل يقويه وجميع استدلالاتهم على هذه العقيدة في غير موضعها وتعتمد على: إما تأويل باطل لنص من النصوص أو لحمل نص منها على الحقيقة وهو يُراد به المجاز، لذلك يغفل النصارى الدلالات المجازية في أغلب أدلتهم ويحملون الألفاظ على حقيقتها مما يخرجها عن مدلولها المراد فيقعون في الخطأ عن عمد.

ولذلك يقول شيخ الإِسلام ابن تيميه عن النصارى في هذه العقيدة قولهم بالأقانيم مع بطلانه في العقل والشرع لم ينطق به عندهم كتاب، ولم يوجد هذا اللفظ في شىء من كتب الأنبياء التي بأيديهم ولا في كلام الحواريين، بل هى لفظة ابتدعوها، ويُقال إنها رومية وقد قيل: الأقنوم في لغتهم معناه الأصل ولهذا يضطربون في تفسير الأقانيم، تارة يقولون أشخاص، وتارة خواص، وتارة صفات وتارة جواهر وأخرى يجعلون الأقنوم اسمًا للذات والصفة معًا وهذا تفسير حُذاقهم (٤).


(١) المسيح في القرآن والتوراة والإنجيل: د/ عبد الكريم الخطيب، ص ٢١٧.
(٢) انظر: محاضرات في النصرانية ص ١٠٦، بتصرف.
(٣) المسيح في القرآن: د/ عبد الكريم الخطيب، ص ٢١٤.
(٤) الجواب الصحيح: ٢/ ١١٤.

<<  <   >  >>