للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"قد حضرت الساعة وآمنوا أنك أرسلتني" فلا احتمال هنا للخوف من اليهود ولا سيما وقد قال قد حضرت الساعة، فلو كان اعتقاد التثليث مدار النجاة لبيئه ولما قال: "الإله الحق وحدك" ولما فرق بين المرسل والمرسل وإذا ثبت أن الحياة الأبدية هى اعتقاد التوحيد الحقيقى لله وحده واعتقاد الرسالة للمسيح، فضدهما يكون موتًا أبديًا وضلالًا سرمديًا بالبداهة؛ لأنّ التوحيد الحقيقي ضد التثليث الحقيقى وكون المسيح رسولًا ضد لكونه إلهًا لأنّ التغاير بين المرسل والمرسل إليه ضروري، وتبعه في رأيه العلامة الألوسي ود/ السقا، وكل منهما أيده فيما ذهب إليه (١).

٢ - ما جاء في إنجيل مرقس: "فجاء إليه واحد من الكتبة الذين كان سمعهم يتساءلون ونظر إجابته لهم حسنة، فسأله أي وصية أول الكل؟ فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد هو. وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل نيتك ومن كل قوتك هذه أولى الوصايا والثانية هى مثلها أن تحب قريبك كنفسك ليس وصية أخرى أعظم من هاتين، فقال له الكاتب جيدًا يا معلم، قلت بالحق أن الله واحد وليس آخر غيره" (مرقس ١٢/ ٢٨ - ٣٤).

يقول العلامة الألوسي ردًا علي المثلثة بعد أن ساق هذا الدليل الدامغ على وحدانية الله عَزَّ وَجَلَّ وبإقرار المسيح -عليه السلام- يقول: (فعلم أن أولى الوصايا أن يعتقد الإنسان ان إلهه واحد حقيقى، لا ثلاثة ممتازة بامتياز حقيقى) (٢).

وبالنظر في الرؤية التحليلية للعلامة رحمة الله الهندي لهذا النص الذي يبطل دعوى التثليث بدلالاته الواضحة على الوحدانية بلا أدني شك يتبين:

١ - عمق الفهم الذي يتمتع به العلامة الهندي ودرايته الواسعة وعلمه الغزير بالكتاب المقدس وقضاياه المختلفة.

٢ - ربطه بين النصوص ربطًا جيدًا يؤكد ما يتميز به عن باقى النقاد من سهولة الاستشهاد على القضايا التى يعالجها في كتابه كأنه يحفظ النمو جيدًا بأماكنها في الكتاب المقدس.

٣ - الموضوعية الفائقة في جميع ما يتعلق بالموضوع الواحد من نصوص تؤكد رؤيته إذا كان يريد إثبات شىء ما أو نفيه.


(١) إظهار الحق: ٢/ ٣٤٣، الجواب الفسيح: ١/ ١٩٦، وأقانيم النصارى: ص ٧٧ - ٧٨.
(٢) الجواب الفسيح: ١/ ١٩٧.

<<  <   >  >>