للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الوجه الأول]

جاء في الإنجيل: "أنا ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهى وإلهكم" يوحنا: (٢٠/ ١٨) ففرق بين الذاهب والذي يذهب إليه فبطل اتحادهما. اتحد الذاهب والمذهوب إليه والداعى والمدعو له ودعاء المسيح نفسه محال.

[الوجه الثاني]

أن طبع الإله والإنسان صارا واحدًا والإله خالق والإنسان مخلوق فطبع الخالق هو طبع المخلوق وطبع العلة هو طبع المعلول وذلك محال.

[الوجه الثالث]

الأناجيل الأربعة تذكر أن المسيح بكي على صديقه العازر وفرح بتوبة التائب وأكل في دعوات أصحابه وشرب وركب الأتان وتعب من وعر الطريق وحزن من نزول الموت وقال: إلهي اصرف عني هذا الكأس، وهذه النقائص قبيح إضافتها إلى الأزلي فبطلا أن يكونا شيئًا واحدًا (١).

ويقول العلامة الألوسي:

وأما الاتحاد: فإن المتحد والمتحد به إن كانا موجودين بعد الاتحاد فلا اتحاد لبقاء الكثرة على حالها وإن كانا معدومين فلم يكن ذلك اتحادًا بل إعدامًا، ويلزم ألا يكون المسيح إلهًا ولا إنسانًا فضلًا عن أن يكون إلهًا وإنسانًا، وإن كان أحدهما موجودًا والآخر معدومًا، فالمعدوم لا يكون نفس الموجود وبالعكس، وأيضًا فالموجود إن كان هو الإنسان فالمسيح إنسان فقط، وإن كان هو الإله فهو إله فقط ويبطل أن يكون إلهًا وإنسانًا فالقول بالاتحاد باطل (٢).

[الفرقة الثانية: فرقه الملكانية]

ومذهبها أن المسيح بعد الاتحاد جوهران وهو أقنوم واحد وقد تقدم أن الأقنوم هو الشخص قالوا: فله بطبيعة اللاهوت مشيئة كمشيئة الأب وبطبيعة الناسوت مشيئة كمشيئة داود وإبراهيم غير أنه أقنوم واحد فردوا الاتحاد إلى الأقنوم إذ رأوه مستحيلًا بالنسبة إلى الجوهر (٣).

وللشيخ المسعودى جهد طيب في الرد على هذا المذهب فحاورهم محاورة عقلية من واقع كلامهم وسلم لهم ما يدعون ثم تدرج في الاقناع إلى أن أبطل ادعاءاتهم وقد رد عليهم بوجوه كثيرة منها ما يلي:


(١) المنتخب الجليل: ١٥٢ - ١٥٥.
(٢) الجواب الفسيح: ١/ ٢٤٠.
(٣) المنتخب الجليل: ص (١٥٥).

<<  <   >  >>