للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النقض الإجمالي لعقيدة صلب المسيح]

تنوعت الرؤى النقدية لعلمائنا الأجلاء عند مناقشتهم لعقيدة الصلب والفداء عند النصارى مبينين اعتراضاتهم على التحليل الخاطئ لفكرة الصلب مستخدمين في ردودهم على ذلك الأدلة العقلية في إبطال ما يدعيه النصارى وقد بينوا أيضًا أن الأسباب التي يتعلل بها النصارى على صلب المسيح أسباب واهية من نواح كثيرة منها:

١ - أن دعواهم تخالف العُرف العام السائد بين الناس.

٢ - أن العقل لا يقر بأى حال من الأحوال أن يُعاقب الأبناء على ذنب الآباء أو يعاقب الإنسان على ذنب لم يرتكبه.

٣ - أن دعواهم بصلب المسيح تُبطل كثرًا من عقائدهم الأخرى مشل ألوهية المسيح والمعمودية وسيأتي بيان ذلك في ثنايا نقد العلماء.

جهود علماء المسلمين في نقض عقيدة الصلب والفداء نقضًا إجماليًا:

[أ- الرؤى النقدية الإجمالية حول عقيدة الصلب والفداء لبعض القدامى -فترة البحث-]

تنوعت الرؤى النقدية لعلمائنا الأجلاء حول هذه العقيدة يبرز في مقدمة هذه الجهود ما قام به شيخ الإِسلام وتلميذه ابن القيم والشيخ المسعودي وأكدوا من خلال رؤيتهم النقدية بطلان هذه العقيدة وتناقضها مع غيرها من عقائدهم في المسيح مثل ألوهية المسيح فكيف يتم الجمع بين قولهم بأن المسيح إله حق وبين القول بأن الإله الحق صلب وقُتل وأهين .. فيقول الإمام ابن تيميه موجهًا نقده للنصارى:

إنكم قلتم في أمانتكم عن المسيح: أنه إله حق من إله حق، ومن جوهر أبيه الذي هو مساو الأب في الجوهر الذي نزل وتجسد من روح القدس ومن مريم العذراء وتأنس وصلب وتألم اقتضى ذلك أن يكون الإله الحق المساو للأب في الجوهر صُلب وتألم، فيكون اللاهوت مصلوبًا متألمًا وهذا ما تقر به طوائف منكم وطوائف تنكره، لكن بمقتضى أمانتكم هو الأوّل أن اللاهوت صُلب وتألم، وهذا لا يمكن أن يُقال (١).

ويتساءل الإمام ابن القيم متعجبًا ومستنكرًا في نفس الوقت لما يقوله النصارى فيقول لهم: (أخبرونا من كان الممسك للسموات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطًا على خشبة الصليب وقد شُدت يداه ورجلاه بالحبال وسُمّرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السموات والأرض خلوًا من إلهها وفاطرها وقد جرى عليه هذا الأمر العظيم؟) (٢).


(١) انظر: الجواب الصحيح: ٢/ ١٣٤، ٢٩٢ - ٢٩٣، بتصرف.
(٢) هداية الحيارى: ص ٢٧٧.

<<  <   >  >>