للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(يقول المسيحيون أن أساس هذا الصلب هو صفة العدل، إذ كان على الله بمقتضى هذه الصفة أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي ارتكبها أبوهم، ولكن بمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر (١).

بعض الاعتراضات على هذه الفكرة كما يعرضها م/ الطهطاوي وهي نقد في نفس الوقت:

١ - أين كان عدل الله ورحمته منذ طرد آدم من الجنة حتى صلب المسيح فهل كان الله حائرًا بين العدل والرحمة آلاف السنين حتى قبل المسيح منذ ألفى عام أن يصلب للتكفير عن خطيئة البشر؟

٢ - والمبدأ العام المعترف به في الديانات جميعًا وفي القوانين الوضعية وعُرف جميع الناس أنه لا يورث عن الآباء سوى ثرواتهم، أما جرائمهم فلا تورث عنهم ولا تؤاخذ بها ذرياتهم، ويترتب على ذلك ما يلي:

أ- أنه لا علاقة لذرية آدم بخطيئة آدم طبقًا لما أوردته عقيدة الفداء عن النصارى بأن المسيح قُتل وصلب كفارة عن خطيئة آدم وذريته إذ لا شأن لذرية آدم بما ارتكبه آدم تطبيقًا لما ورد في سفر التثنية: "لا يُقتل الآباء عن الأولاد ولا يُقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يُقتل" (٢). وما ورد في حزقيال: "النفس التي تخطئ هى تموت، الابن لا يحمل من إثم أبيه والأب لا يحمل من إثم الابن بر البار عليه وشر الشرير عليه يكون" (٣)

ب- فساد القول بالمعمودية التى يقول عنها النصارى أنها تطهير المصطبغ بها من خطيئة آدم.

٣ - إذا كانت الكلمة قد تجسدت لمحو الخطيئة الأصلية، فما العمل في الخطايا التي تجد بعد ذلك؟ ومنها ما هو أقسى من عصيان آدم.

٤ - إذا كان المسيح ابن الله فأين كانت عاطفة الأبوة؟ وأين كانت الرحمة حينما كان الابن الوحيد يلاقى دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية ثم الصلب مع دق المسامير في يديه (٤).

أما أ/محمَّد رشيد رضا في نقده الاجمالي لهذه العقيدة يقول:

١ - لا يمكن أن يقبل هذه القصة من يؤمن بالدليل العقلي أن خالق العالم لا بد أن يكون بكل شيء عليمًا، وفي كل صنعة حكيمًا؛ لأنها تستلزم الجهل والبداء على الباري عَزَّ وَجَلَّ، كأنه حين خلق آدم ما كان يعلم ما يكون عليه أمره وحين عصى آدم ما كان يعلم ما يقتضيه العدل والرحمة في شأنه حتى اهتدي إلى ذلك بعد آلاف السنين مرت على خلقه.


(١) النصرانية والإِسلام: ص ٥٠.
(٢) الإصحاح: (٢٤/ ١٦).
(٣) الإصحاح: (١٨/ ٢٠).
(٤) انظر: النصرانية والإِسلام، ص ٥٠ - ٥٣.

<<  <   >  >>