للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد د/مصطفي شاهين أنه لا يوجد في المسيحية شريعة بالمعني التام، بل الموجود في كتب النصارى بعض الأحكام في العبادات والمعاملات مما يدخل تحت كلمة شريعة لكن هذا البعض قليل جدًا ولا يتناول فروع الشريعة كلها، إذ الشريعة هى الأحكام العملية المتصلة بالعمل لا بالاعتقاد؛ لأنّ ما يخص الجانب الاعتقادي هو المسمى بالإيمان وهو شيء في القلب أما ما يتصل بخارج القلب وهو العمل الذي بالجوارح وأحكام هذا العمل هو ما يسمى شريعة (١).

وقد قدم د/المطعني رؤية توضيحية لهذا الجانب - التشريع في المسيحية - فيقول: المسيح - عليه السلام- لم يأت برسالة منفصلة كل الانفصال عن رسالة موسى - عليه السلام - وإنما جاء برسالة هي امتداد لشريعة موسى -عليه السلام- بدليل قول الإنجيل: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقص بل لأكمل" (٢). ثم يقول للحواريين الاثنى عشر موضحًا لهم المهمة التي أرسل من أجلها: " ... إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة السامريين لا تدخلوا؛ بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة (٣) " (٤).

ويؤكد ذلك أيضًا د/محمَّد طلعت أبو صير فيقول:

(إن شريعة اليهود المقررة في العهد القديم هي نفسها المقررة في العهد الجديد فيما عدا ما ورد عن المسيح -عليه السلام- ونص بنسخه (٥) أو تعديله، فقد أورد العهد الجديد نصوصًا قليلة ناسخة ومعدلة لبعض أحكام العهد القديم ومعظمها جاء في موعظة الجبل التي ألقاها وهو جالس على قمة الجبل وسمعها الحواريون والتلاميذ وجمهور كبير من الناس (٦) ومنها:

- تقول التوراة: لا تزن أما أنا "المسيح" فأقول: لكل من نظر إلى امرأة وهو يشتهيها فإنه يزني بها في قلبه (٧).


(١) النصرانية تاريخًا وعقيدة ومذاهب دراسة وتحليل ومناقشة: ص ٢٢٧ طبعة دار الاعتصام بدون.
(٢) متى: (٥/ ١٧) إكمال الناموس.
(٣) متى: (١٠/ ٥ - ٦) إرسال الاثنى عشر.
(٤) انظر: الإِسلام د/ المطعني، ص ٣١٠، ٣١١، والإِسلام والأديان: د/ مصطفي حلمي، ص ١٨٩، تاريخ الإنجيل والكنيسة:
أحمد إدريس ص٦١.
(٥) إن عيسي عليه السلام لم يأت ناسخًا للتوراة بل مصدقًا لها عاملًا بها ولكنه نسخ بعض أحكامها قال تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} فقد كان حرّم على بني إسرائيل بعض الطيبات بظلمهم وكثرة سؤالهم فأحلها عيسى عليه السلام تفسير المنار (٣/ ٣١٢).
(٦) أضواء على مقارنة لأديان: د/محمَّد طلعت أبو صير ص ٨٧ - ٨٨، وانظر: النصرانية: د/مصطفى شاهين، ص ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٧) من: (٥/ ٢٧ - ٢٨) الزنا.

<<  <   >  >>