للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: الرهبانية: (١)

بين د/أحمد طاهر وم/الطهطاوي، مغالاة المسيحيين في النظرة إلى المتع والملذات وعدم توازنهم واعتدالهم في الأمور الحياتية والتعبدية، وبينا أن المسيحية تُغلب الآخرة على الدنيا وتعطيها الاهتمام الأكبر، فقد فرضوا على أنفسهم الترهب وترك الدنيا والعزوف عن الزواج وتفضيل العزوبية، وهذه الرهبانية ابتدعوها من عند أنفسهم ولم يأمرهم بها الله -عز وجل- فقال تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (٢).

وقد بين د/أحمد شلبي أن فكرة الرهبانية دخيلة على النصرانية وقد أخذها المسيحيون عن الهندوكية والبوذية (٣).

أما د/أحمد طاهر وم/ الطهطاوي، فقد ذكرا النصوص الإنجيلية التي يستنبط منها النصارى فكرة الرهبنة وعلق د/أحمد طاهر عليها تعليقًا سريعًا مجملًا، أما م/ الطهطاوي فقد استفاض في مناقشته حول هذه الأدلة ونقده لفكرة الرهبانية من هذه الأدلة التي ذكراها ما يلي:

١ - "وكل واحد فيكم لا يتزكى بماله لا يمكن أن يكون تلميذًا لي" (٤).

٢ - "يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم، ويوجد خصيان خصاهم الناس، ويوجد خصيان خصوا أنفسهم، من أجل ملكوت السموات" (٥).

٣ - "لا تقدرون أن تخدموا الله والمال لذلك أقول لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون" (٦). وغير ذلك من الأدلة.


(١) أصلها من الرهبة: الخوف، قال ابن الأثير: كانوا يترهبون بالتخلى عن أشغال الدنيا، وترك ملاذها والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعهد مشاقها، حتى إن منهم من كان يخصي نفسه، ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب (لسان العرب ٣/ ١٧٤٩).
(٢) سورة الحديد: الآية (٢٧).
(٣) انظر: المسيحية: ص ٢٤٦.
(٤) لوقا: (١٤/ ٣٣) ثمن التبعية.
(٥) متى: (١٩/ ١٢) الزواج والطلاق.
(٦) متى: (٦/ ٢٤ - ٢٥) الله يعتني بنا.

<<  <   >  >>