للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول د/مصطفي شاهين عن الأخلاق في النصرانية:

(في الإنجيل دعوة حارة إلى أن تقوم العلاقات بين الناس على أساس التسامح والعفو ودفع السيئة بالحسنة حتى لتكاد تجعل ذلك واجبًا من الواجبات، وتبدو هذه القواعد أوضح ما تكون في كثير من الفقرات الواردة في موعظة الجبل فمن ذلك قول الإنجيل في هذه الموعظة: "لقد كان يُقال لكم: أحبوا أبناء شعبكم وأبغضوا أعداءكم، وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم وباركوا الذين يعلنونكم وقدموا الخير لمن يكرهونكم، وادعوا بخير لهؤلاء الذين يضطهدونكم ويعذبونكم، حتى تستحقوا أن تكونوا أبناءً لأبيكم الذي في السماوات" (١).

ثم يعلق على هذا النص بقوله: وغنى عن البيان أن تطبيق هذه المبادئ تطبيقًا حرفيًا يؤدى في النهاية إلى إلغاء العقوبات) (٢).

وفي موضوع رجم الزاني ينص العهد الجديد على إلغاء حدّ الزنا مكتفيًا بأخذ العهد على مقترفه ألا يعود إليه مرة أخرى (٣).

[وخلاصة هذا المبحث]

أن إلغاء العقوبات يعطى فرصة للخطاة والمذنبين أن يتمادوا في أخطائهم والتسامح الذي يصل إلى درجة الإفراط يؤدى إلى مزيد من ارتكاب الجرائم وهذا تخرج الأخلاق في النصرانية من الإيجابية إلى السلبية ومن الالتزام إلى الانحراف ومن الدعوة إلى السلام والتسامح إلى سفك الدماء والخراب والدمار وما حدث في البوسنة والهرسك وبلاد البلقان (٤) مؤخرًا خير دليل على ذلك، ولكم ذاق المسلمون هناك على أيدى النصارى ويلات القتل والتشريد تحت دعوى التطهير العرقي فأين التسامح الذي يدعون؟!

هذا وقد أشار علماؤنا الأفاضل إلى تلك القيم الأخلاقية المفقودة في النصرانية ولم يهملوا القيم الأخلاقية التي ورد ذكرها في العهد الجديد. بموضوعية فائقة وحيدة تامة.


(١) متي: (٥/ ٤٣ - ٤٥).
(٢) النصرانية: د/مصطفي شاهين ص ٢٣ - ٢٣١.
(٣) النصرانية: د/ مصطفي شاهين ص٢٣٠، والنص الذي يدلّ على ذلك ورد في يوحنا (٨/ ١ - ١١).
(٤) شبه جزيرة البلقان: دخلت في الإِسلام بعد الانتصار العثماني على الصرب عام ١٣٨٩م بقيادة السلطان مراد الأوّل وأتمه ابنه با يزيد وظلت البلاد تحت حكم العثمانيين فترة من الزمن ثم أخذتها الصرب وارتكبوا فيها المذابح ثم تمتعت بالحكم الذاتي فترة من الزمن ثم عادت إليها الهيمنة الصربية سنة ١٩٨٩م حتى انفجار الأحداث الدامية في كوسوفا مؤخرًا فأين هؤلاء من السلام والتسامح الذي يزعمونه؟ (انظر التاريخ الإِسلامي أ/ محمود شاكر ٨/ ٨٢، ومجلة الوعي الإسلامي ص١٢ العدد رقم ٤٠١ المحرم ١٤٢٠ هـ /إبريل ومايو ١٩٩٩ م وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت.

<<  <   >  >>