للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أهمية الإسناد]

للإسناد أهمية كبيرة في قبول الروايات وبه تتميز الأمة الإسلامية عن غيرها (١) ويتوقف تصديق الخبر أو تكذيبه على هذا الإسناد، أما بالنسبة لليهود والنصارى فيما يتصل بالتوراة والإنجيل (فإن السند المتنازع بيننا وبينهم: السند المتصل وهو عبارة عن أن يروى الثقة بواسطة أو بوسائط عن الثقة الآخر بأنه قال إن الكتاب الفلاني تصنيف فلان الحواري أو فلان النبي، وسمعت هذا الكتاب كله من فيه أو قرأته عليه أو أقر عندى أن هذا الكتاب تصنيفى وتكون الواسطة أو الوسائط من الثقات الجامعين لشروط الرواية) (٢).

[شروط قبول الكتب الإلهية]

ولقد وضع العلماء شروطًا لقبول الكتب الإلهية بحيث إذا توافرت هذه الشروط وتبين بالأدلة القاطعة اتصال سندها وصحة نسبتها إلى كاتبيها وجب التسليم بها:

١ - لابد لكون السفر سماويًا واجب التسليم به أن يثبت أولًا: بدليل تام أن هذا السفر كتب بواسطة النبي الفلاني، ووصل بعد ذلك إلينا بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل، وأن الاستناد إلى شخص ذي إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أنه من تأليف ذلك الشخص، وأن مجرد ادعاء فرقة أو فرق لا يكفى ... بل يحتاج إلى دليل (٣).

٢ - أن يكون الرسول الذي نسب إليه قد علم صدقه بلا ريب ولا شك وأن يكون قد دعم ذلك الصدق. بمعجزة أي أمر خارق للعادة قد تحدى به المنكرين والمكذبين وأن يشتهر أمر ذلك التحدي وهذا الاعجاز (٤).

٣ - أن تكون نسبة الكتاب إلى الرسول الذي نسب إليه ثابتة بالطريق القطعى ... بحيث يتلقاه الأخلاف عن الأسلاف، جيلًا بعد جيل من غير أي مظنة للانتحال وأساس ذلك التواتر أن يرويه جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، حتى تصل إلى الرسول الذي أسند إليه الكتاب، ونسب إليه ونزل الوحى عليه (٥). وبتطبيق هذه الشروط على كتب النصارى تبين أن الأدلة لم تتوفر حتى يحكم على سندها بالاتصال أو يقال بصحة نسبتها إلى كاتبيها. وعندما طلب من علمائهم السند المتصل ما قدررا عليه واعتذروا عن ذلك وقالوا: إن سبب فقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة ... ويقولون بالظن والتخمين والظن لا يُغني من الحق شيئًا (٦).


(١) وإلي هذا أشار العلماء فيقول عبد الله بن المبارك: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" ويقول ابن سيرين المتوفي سنة١١٠ هـ: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" (انظر: مقدمة صحيح مسلم للنووي ١/ ١٥تحقيق أ/ محمد فؤاد عبد الباقي ط الحلبي.
(٢) إظهار الحق: ١/ ١٩٢، ١٩٣.
(٣) انظر: المرجع السابق ١/ ٨٣ بالحذف.
(٤) انظر: محاضرات في النصرانية. أبو زهرة ٧٩، ٨٠.
(٥) المرجع السابق ص ٨٠.
(٦) انظر: إظهار الحق ١/ ٨٣ بالحذف.

<<  <   >  >>