للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {ذُوقُوا} لوصول الألم إلى المعذب، كوصول الذوق إلى الذائق. ومعنى: {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: جزاء، كما قال:

دونك ما جنيتَه فاحسُ وذُق (١)


= الشيخ عبد الله بابطين.
تنبيه: تكليم الله تعالى لعباده في الآخرة ثابت بنصوص كثيرة في الكتاب والسنة، يكلمهم الله تعالى للحساب والجزاء، ويستوي في هذا الخلق كلهم إلا أقوامًا شاء الله تعالى أن يحرمهم ذلك، تنكيلًا وزيادة في العذاب؛ فمن الأدلة على عموم التكليم وشموله قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٦٥] وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} [فصلت: ٤٧] ومن السنة، قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان" الحديث أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، رقم (٧٤٤٣)، "فتح الباري" ١٣/ ٤٢٣، ومسلم ٢/ ٧٠٣، رقم (١٠١٦).
ومن الأدلة على حرمان أقوام من تكليم الله لهم، قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٤] ومن السنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب اليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر". أخرجه مسلم ١/ ١٠٢، كتاب: الإيمان, رقم (١٠٧)، والنسائي ٥/ ٨٦، كتاب الزكاة، رقم (٢٥٦٢). وتكليم الله تعالى لأهل النار في هذه الآية {وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} توبيخ وتقريع لأهل النار؛ كقوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} الآيات [المؤمنون: ١٠٨ - ١١١]. والله أعلم. ملخص من: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية ١٣/ ١٣١، وما بعدها. "ودرء تعارض العقل والنقل" ٢/ ١٤١، وما بعدها. و"العقيدة السلفية في كلام رب البرية" تأليف: يوسف الجديع. ص: ٩٠، وما بعدها.
(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٣٦، بنصه. ولم ينسب البيت، وفي الحاشية: لم نعثر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>