للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} يعني: قواكم في حال الشبيبة، وقوله: {مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ} يعني: ضعف الطفولة {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} قال ابن عباس: يريد: عند الكبر أدركه الضعف والهرم. والشيبة: مصدر كالشَّيب، قال المبرد: يعني: من حملة الشيب، فخرج من حملة الشيب مخرج الواحد، ويعني به: الجمع (١)، وكذلك القوة


= الأخفش المقري الدمشقي، حدثنا سلام بن سليمان المدائني، حدثنا أبو عمرو بن العلاء، عن نافع عن ابن عمر، قال: قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. الحديث. "المعجم الصغير" للطبراني ٢/ ٣٩٧، رقم (١١٠٠). وسلام بن سليمان: ضعيف. "تقريب التهذيب" (٤٢٥)، رقم (٢٧١٩). ولذا قال ابن حجر بعد أن ساق هذا الطريق من رواية ابن مردويه، قال: في إسناده سلام بن سليمان. "الكافي الشاف" بحاشية الزمخشري ٣/ ٤٧٠. وقد ذكر محققو مسند الإمام أحمد رواية الطبراني؛ ولم يقووا بها هذا الحديث بل قالوا: قلنا: سلام متروك. "مسند الإمام أحمد" ٩/ ١٨٦، رقم (٥٢٢٧). ط/ مؤسسة الرسالة.
وذكر ابن عدي سلام بن سليمان هذا؛ وقال: هو عندي منكر الحديث، ثم ساق له أحاديث استنكرها عليه منها هذا الحديث؛ ثم قال: وهذه الأحاديث عن أبي عمرو عن نافع عن ابن عمر لا يرويها عن أبي عمرو إلا سلام هذا. "الكامل في ضعفاء الرجال" ٣/ ١١٥٦.
والصواب -والله أعلم- ضعف هذا الحديث، وأنه لا يرتقي لدرجة الحسن. وأقصى ما يفيده الحديث على فرض صحته أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنكر على ابن عمر قراءته {ضَعْفٍ} بغير القراءة التي أقرأه إياها؛ كما ذكر الواحدي عن الفراء أن الضم لغة قريش، والفتح لغة تميم؛ وعلى ذلك لا يؤخذ من هذا الحديث تفضيل قراءة الضم على قراءة الفتح. والله تعالى أعلم.
(١) قول المبرد: من حملة الشيب، الظاهر منه أنه جعل لفظ: الشيبة أحد أفراد الشيب على اعتبار أن لفظ الشيب مصدر فيه عموم وشمول وإحاطة على حد قوله: فهي تحيط بالشيء، وعليه فلفظ: شيبة مفرد كما هو ظاهر من لفظه أريد به الجمع. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>