للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل بن حيان: بدأ الله بالسموات فعرض عليهن الأمانة وهي الطاعة، فقال لهن: أتحملن هذه الأمانة ولكن علي الفضل والكرامة والثواب في الجنة؟ قلن: يا رب إنا لا نستطيع هذا الأمر وليست بنا قوة ولكنا لك مطيعون. وقال للأرض مثل ذلك، فقالت: لا صبر لنا على هذه يا رب ولا نطيقه، ولكنا لك سامعون مطيعون ولا نعصيك في شيء تأمرنا به. ثم قربت الجبال كلها فقلن مثل ذلك وهذا قول جميع المفسرين (١). وعلى هذا يكون العرض على أعيان هذه الأشياء بأن ركب الله تعالى فيهن العقول ويفهمن (٢) خطابهن حتى فهمن ونطقن بالجواب، ومعنى قوله: {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} أي: مخافة وخشية، لا معصية ومخالفة، والعرض كان تخييرًا لا لزامًا.

قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} قال ابن عباس: قال الله لآدم: إني عرضت الأمانة على السموات والأرض فلم تطقها أفتحملها أنت [بما فيها] (٣)؟ قال: وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت (٤). قال: فأنا أتحملها بما فيها، فلم يلبث في الجنة إلا قدر ما بين الأولى والعصر حتى أخرجه الشيطان منها (٥).


(١) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ٥٣، وما بعدها، "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٢٩، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٥٣، "مجمع البيان" ٨/ ٥٨٦، "تفسير زاد المسير" ٦/ ٤٢٨.
(٢) هكذا في النسخ، والذي يظهر أنه خطأ، والصواب هو كما في "الوسيط" ٣/ ٤٨٤ أفهمهن خطابه.
(٣) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
(٤) في (ب): (عوقبتم).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ٥٤، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٥٣، "تفسير زاد المسير" ٦/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>