للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتفسير: لم يعتبروا بمن أهلكنا من قبلهم من القرون فيخافوا أن يعجل لهم في الدنيا مثل الذي عجل لغيرهم ممن أهلك، وأنهم مع ذلك لا يعودون إلى الدنيا أبدًا.

٣٢ - وقوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} قرئ: لما بالتخفيف والتشديد، فمن خفف فما زائدة (١) مؤكدة، والمعنى: وإن كل لجميع لدينا محضرون، ومن شدد جعل لما بمعنى إلا تقول: سألتك لما


(١) ما نقله المؤلف رحمه الله هنا عن الزجاج من القول بأن (ما) زائدة، قال به أيضًا الزمخشري في "الكشاف" ٢/ ٢٩٥، وذكره أيضًا السمين في "الدر" ٦/ ٤٠١، ولكن هذا القول لا ينبغي أن يقال؛ لأنه ينافي الأدب مع القرآن، فالقول بأن هذا الحرف زائد يوحي بأنه لا فائدة له، وهذا ليس صحيحًا في حق كلام الله جل وعلا. يقول ابن هشام في كتابه "الإعراب عن قواعد الإعراب" ص ١٠٨ - ١٠٩: وينبغي أن يتجنب المعرب أن يقول في حرف من كتاب الله: إنه زائدة لأنه يسبق إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له، وكلام الله سبحانه منزه عن ذلك. والزائد عند النحويين معناه الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية والتوكيد لا المهمل، وكثير من المتقدمين يسمون الزائد صلة، وبعضهم يسميه لغوًا، لكن اجتناب هذه العبارة في التنزيل واجب ا. هـ.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ١٦/ ٥٣٧ بعد أن تكلم عن التكرار والزيادة في كلام العرب: (فليس في القرآن من هذا شيء ولا يذكر فيه لفظًا زائدًا إلا لمعنى زائد، وإن كان في ضمن ذلك التوكيد، وما يجيء به من زيادة اللفظ في مثل قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [سورة آل عمران: ١٥٩] وقوله: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: ٤٠] وقوله: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} {الأعراف: ٣} فالمعنى مع هذا أزيد من المعنى بدونه، فزيادة اللفظ لزيادة المعنى، وقوة اللفظ لقوة المعنى) ا. هـ.
وانظر: "التأويل النحوي في القرآن الكريم" ٢/ ١٢٧٧ وما بعدها. "البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن" ص ٣٠٢، "البرهان" للزركشي ٢/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>