للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صبوة" (١) ومعناه ما ذكرنا. والعجب الذي ذكروا أنه لا يجوز في وصف الله لا نجوزه نحن، ولكن من حيث اللفظ قد ورد العجب في وصفه، وتأويله ما ذكرنا (٢).

وأما معنى الآية والمفسرون على فتح التاء وذكروا فيه قولين، أحدهما: عجبت يا محمد من القرآن حين أوحي إليك {وَيَسْخَرُونَ}، يعني كفار مكة سخروا من النبي حين سمعوا منه القرآن، هذا قول مقاتل (٣).

وقال قتادة (٤): عجب نبي الله من هذا القرآن حين أنزل عليه وضلال بني آدم، والمعنى أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يظن أن كل من يسمع منه القرآن يؤمن به، فلما سمع المشركون القرآن فسخروا منه وتركوا الإيمان به عجب


(١) أخرج ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" ١/ ٦١ أول الحديث وفي ٣/ ١١ آخر الحديث "وعجب ربكم من شاب ليست له صبوة". والزمخشري في "الفائق" ١/ ٥٢، أول الحديث: "عجب ربكم من إلكم وقنوطكم". وابن الجوزي في "غريب الحديث" ١/ ٣٦ أول الحديث، وإلّكم من الإِلّ، قال ابن الأثير في "النهاية" ١/ ٦١: الإِلُّ: شدة القنوط، ويجوز أن يكون رفع الصوت بالبكاء.
وقال الزمخثمري في "الفائق" ١/ ٥٢: الإِل والألل والأليِّل رفع الصوت بالبكاء. والمعنى أن إفراطكم في الجؤار والنحيب فعل القانطين من رحمة الله مستغرب مع ما ترون من آثار الرأفة عليكم.
(٢) تأويل المؤلف لصفة العجب الذي يشير إليه بقوله ما ذكرنا لم أقف عليه. والذي يظهر لي والله أعلم أن المؤلف رحمه الله قد اضطرب في فهم هذه الصفة أو في إثباتها، فمذهب الأشاعرة هو تأويل هذه الصفة. أما أهل السنة والجماعة فإنهم يثبتون لله جل وعلا ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه -صلى الله عليه وسلم- من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ١/ ٦٠.
(٣) "تفسير مقاتل" ١١٠ أ.
(٤) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٤٨، "الطبري" ٢٣/ ٤٤، "معاني النحاس" ٦/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>