للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}. وقال مجاهد: قالت كفار قريش: الملائكة بنات الله، فقال لهم أبو بكر الصديق: فمن أمهاتهم؟ قالوا: سروات (١) الجن (٢). وعلى هذا القول: الجنة أولاد الجن، والنسب هو المصاهرة وروي قول آخر عن الحسن، قالوا: أشركوا الشيطان في عبادة الله، فهو النسب الذي جعلوه (٣). يعني أنهم عبدوه مع الله وأطاعوه وكأنهم جعلوه نسبًا لله، حيث اعتقدوا طاعته. وفيه بعد.

والاختيار القول الأول، وهو قول الفراء (٤) وأبي إسحاق (٥)، يدل عليه ما بعده من قوله: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}، أي: قد علمت الملائكة أن الذي قالوا هذا القول محضرون النار ويعذبون. قاله مقاتل (٦)، وعطاء (٧)، والفراء، وأبو إسحاق، والكناية في قوله: إنهم تعود على الكفار الذين قالوا هذا القول وجعلوا هذا النسب، وعلى القول الأول الكناية تعود على الجِنَّة، والمعنى: ولقد علمت الجِنة أنهم سيحضرون الحساب.

قال مجاهد: والتأويل أنه لو كان كما قال الكفار من أن بين الله وبينهم نسبًا ما أحضروا الحساب، وإحضارهم للحساب دليل على أنه لا


(١) يعنون أشرافهم.
(٢) "تفسير مجاهد" ص ٥٤٦. وانظر: "الطبري" ٢٣/ ١٠٨، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٥٣ أ.
(٣) انظر: "الماوردي" ٥/ ٧٠، "البغوي" ٤/ ٤٥، "القرطبي" ١٥/ ١٣٥.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٣٩٤.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٣١٥.
(٦) "تفسير مقاتل" ١١٤ ب.
(٧) لم أقف عليه عن عطاء. وأورده الطبري في "تفسيره" ٢٣/ ٨، عن السدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>