للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسب بينه وبينهم (١)، كما قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [المائدة: ١٨]، يعني: أن تعذيبه إياكم يدل على أنكم لستم كما تقولون.

١٥٩ - ثم نزه نفسه عما قالوا من الكذب فقال: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} يعني الموحدين، الذين استخلصهم الله لتوحيده وعبادته، وهذا من المؤخر الذي يراد به التقديم؛ لأنه استثناء من المحضرين بقول: أُعلِموا أنهم محضرون النار إلا من أخلص ووحد. وفي هذه الآية دليل على صحة القول الأول في قوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}. وروي عن ابن عباس: إلا عباد الله المخلصين فإنهم لا يجعلون لله صاحبة ولا ولدًا (٢). وعلى هذا الاستثناء منقطع وفي الكلام محذوف يدل على ما قبله.

١٦١، ١٦٢ - ثم خاطب كفار مكة بقوله: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} معنى الفتنة هاهنا الإضلال في قول جميعهم.

قال الفراء: وأهل الحجاز يقولون: فتنت الرجل، وأهل نجد أفتنته (٣). ويدل طى أن المراد بالفتنة الإضلال قوله: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} قال الزجاج: ما أنتم عليه بمضلين إلا من أضله الله (٤)، ويقال: أضله على الشيء كما يقال أضله به. وبعضهم يجعل على هاهنا بمعنى الباء، قال


(١) لم أقف عليه، وقد ذكر ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١٠/ ٣٢٣١ قريبًا من هذا القول عن مجاهد.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٣٩٤.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>