للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله ويوحده (١)، والكناية على هذا في قوله (وجعلها) تعود إلى كلمة التوحيد لا إل إلا الله والمعنى: وجعل كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم، ولم يسبق ذكر كلمة التوحيد حتى يكنى عنها.

قال صاحب النظم: قد رضيت العامة بقول المفسرين من غير وقوف على حقيقة مخرج هذه الكلمة، وإذا تأملت الآية رددتها بالاعتبار إلى تأويلها، دلت على قيام لا إله إلا الله فيها مصورة، وذلك أن النفي والتنزيه عند العرب واحد في المعنى.

وقوله -عز وجل- {إِنَّنِي بَرَاءٌ} مثل قولك: لا, لأنه يتبرأ بها من الشيء.

قوله: {مِمَّا تَعْبُدُونَ} كل معبود عند العرب كان يسمى إلهًا، فقد رجع تأويل هذه الآية بهذا الاعتبار أنها كناية عن الإله، ثم قال: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} ولا يهدي ولا يفطر إلا الله -عز وجل-، وكأنه قال: إلا الله، وقد انتظمت الكلمتان بهذا التأويل لا إله إلا الله.

وقوله: {فِي عَقِبِهِ} قال مقاتل: في ذرية إبراهيم، وقال الكلبي: في نسله (٢)، وقال الحسن: عقب الرجل: نسله إلى يوم القيامة.

وقال ابن عباس: يريد في ولده وولد ولده إلى يوم القيامة (٣).


(١) انظر: "تفسير أبي الليث" ٣/ ٢٠٦ فقد ذكر القول ولم ينسبه، ونسبه الماوردي ٥/ ٢٢٢، والبغوي ٧/ ٢١٠، والقرطبي ١٦/ ٧٧ لمجاهد وقتادة، ونسب القرطبي لابن عباس قوله: في عقبه أي في خلفه.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٣، "تنوير المقباس" ص ٤٩١، وفص العبارة عند مقاتل: يعني في ذريته، يعني ذرية إبراهيم.
(٣) انظر: "تفسير أبي الليث" ٣/ ٢٠٦، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٢٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>