للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمفعول فمعلوم أنه لله سبحانه، فبناؤه للمفعول في العلم بالفاعل كبنائه للفاعل كقوله: {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] والفعل معلوم أنه لله وإن بني للمفعول كقوله: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ١٣٥] ووجه قول من قرأ بالنون أنه قدم تقدم قوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} فكذلك يُتَقَبَّلُ (١).

وقوله: {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} يعني: الأعمال الصالحة التي عملوها في الدنيا وكلها حسن، فالأحسن بمعنى التحسن كقوله: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ} [الزمر: ٥٥] وقد مر، وقال بعض أهل المعاني: الحسن من الأعمال المباح الذي لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، والأحسن ما يوجب الثواب من خير وطاعة (٢).

وقوله تعالى: {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} قال الحسن: هذا لمن أراد الله كرامته (٣)، وقال عطاء: يريد ما كان في الشرك.

قوله: {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} قال مقاتل: (في) بمعنى: مع (٤)، وعلى هذا المعنى أنه يفعل بهم ما يفعل بأصحاب الجنة كما تقول: يعطى زيد مع القوم، ويجوز أن يكون المعنى: ونتجاوز عن سيئاتهم في جملة ما نتجاوز عنهم وهم أصحاب الجنة؛ لأنهم أهل التجاوز عنهم، وكأنه قال: ونتجاوز


(١) قرأ حمزة والكسائي وحفص بالنون، وقرأ الباقون بالياء. انظر: كتاب "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٨٤، و"السبعة" لابن مجاهد ص ٥٩٧، و"الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٢٧٢، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٦٦٤.
(٢) انظر: "الجامع الأحكام القرآن" ١٦/ ١٩٦.
(٣) انظر: "تفسير أبي الليث" ٣/ ٢٣٣.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>