للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: ١٠٦] ووجه الخبر أن المراد هاهنا التقرير، فالاستفهام مثل الخبر، ألا ترى أن هذا الاستفهام الذي يراد به التقرير لا يجاب بالفاء كما يجاب بها إذا لم يكن تقريرًا، فكأنهم يوبَّخُون بهذا الذي يخبرون به وُيبَكَّتُون (١)، قال الكلبي: يعني اللذات وما كانوا فيه من المعايش وتمتعهم بها في الحياة الدنيا (٢).

وذكر المفسرون عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة أخبارًا في هذه الآية، أنهم كانوا يجتنبون نعيم العيش ولذته بالطيبات في الدنيا (٣)؛ لأن الله تعالى وبخ الكافرين بذلك، وذلك مذهب الصالحين يؤثرون في الدنيا التقشف والزهد رجاء أن يكون ثوابهم في الآخرة أكمل، ولا عتب على المؤمن في التمتع بما أحل الله له وأباحه من نعيم العيش والتمتع بالطيبات في الدنيا، وإنما وبخ الكافر بذلك؛ لأنه تمتع بها ولم يؤد شكر المنعم بطاعته والإيمان به، والمؤمن يؤدي بإيمانه شكر المنعم فلا يوبَّخ بتمتعه، وهذا معنى قول مقاتل (٤)، وهو حسن، قوله تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي: تتكبرون عن عبادة الله والإيمان به {وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} تعصون.

٢١ - قوله تعالى {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} قال ابن عباس ومقاتل: واذكر يا محمد لقومك أهل مكة [وهودًا] (٥) -عليه السلام- (إذ أنذر


(١) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٨٩.
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ص ٥٠٤، و"تفسير الوسيط" ٤/ ١١٠.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ٢١، و"زاد المسير" ٧/ ٣٨٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٠٠، و"تفسير الوسيط" ٤/ ١١٠.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٢.
(٥) كذا في الأصل ولعل الصواب (هودًا). وانظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٢، ولم أقف على نسبته لابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>