للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الفراء: ويجوز إضمار (كان) وإن كنت قد نصبت الناصر بالتبرية، قال: ويكون: (أهلكناهم فلا ناصر لهم) الآن، هذان وجهان ذكرهما الفراء في نظم الآية. أحدهما: إضمار كان. والآخر: أن يكون المعنى: فلا ناصر لهم الآن (١)، وأصح مما ذكر أن يقال: هذا على طريق الحكايه للحال الماضية عند الإهلاك، أي: كأن يقال فيهم عند إهلاكهم: لا ناصر لهم، كما ذكرنا في قوله: {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: ١٥] وفي آيات سواها، ويدل على صحة هذا الوجه قوله: {هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً}. ولا يقال فيها وهي مهلكة: هي أشد قوة، ولا يصح في هذا شيء من الوجهين الذين ذكرهما، وإنما يصح فيه الحكاية؛ أي: التي كان يقال فيها هي أشد قوة من مكة، ثم ذكر بُعْد ما بين المؤمن والكافر.

١٤ - قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} قال أبو إسحاق: هذه ألِفُ توقيف وتقرير؛ لأن الجواب معلوم (٢).

قال ابن عباس (٣) ومقاتل (٤) والكلبي (٥): يريد على بيان من ربه ويقين من دينه وهو محمد -صلى الله عليه وسلم- على شهادة أن لا إله إلا الله {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} يعني: عبادة الأوثان، وهو أبو جهل والكفار {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} في عبادة الحجارة.

١٥ - ثم وصف الجنات التي وعدها المؤمنين بقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٩.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٩.
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٣٥.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٤٦.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ص ٥٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>