للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد غَدَا يَحْمِلُنِي أَنْفِهِ ... لاحِقُ الأيْطَلِ مَحْبُوكٌ مُمَرْ (١)

أي: في أول جريه، ومن هذا أنف الجبل، وأنف الإنسان، وأنف خف البعير، وقال أبو علي الفارسي: و (آنفا) من أنف، أي ابتدأ وهو غير مستعمل، وإن كان القياس يوجبه، وقد يجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من الفعل نحو: فقير، جاء على فَقره، والمستعمل افتقر، وكذلك شديد، والمستعمل اشتد، فكذلك قوله: آنفاً، والمستعمل ائتنف (٢).

وروى أحمد بن موسى بإسناده عن ابن كثير من طريق البزي: (أنِفاً) بالقمر (٣)، وهذا يحمل على أنه توهمه، مثل: خادر وخدر، وفاكه وفكه، والوجه قراءة العامة، ويدل عليه قول الشاعر:

ويحرُمُ سِرُّ جَارَتِهم عليهم ... ويَأْكُلُ جَارُهُم أُنُفَ القِصَاعِ (٤)

يريد: أنهم يؤثرونه بأفضل الطعام وأوله لا البقايا، وأُنُف جمع أَنْف بالمد، مثل: قَاتِل وقُتُلٍ، وبازلٍ وبُزُلٍ (٥).

وذكر المفسرون في وجه سؤال المنافقين قولين: أحدهما: أنهم سألوا استهزاء منهم وإعلاماً أنهم لم يستمعوا إلى كلامه ولم يلتفتوا إلى ما قال، وهذا اختيار الزجاج (٦)، القول الثاني: أنهم سمعوا كلامه ولم


(١) انظر: "تهذيب اللغة" (أنف) ١٥/ ٤٨٢، "اللسان" ٩/ ١٤.
(٢) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ١٩٣.
(٣) انظر: "الحجة" ٦/ ١٩٢، "التذكرة في القراءات" لابن غلبون ٢/ ٦٨٣.
(٤) البيت للحطيئة. انظر: "ديوانه" ص ٦٢، "لسان العرب" (أنف) ٩/ ١٣، و"الزاهر" ٢/ ٣١٢.
(٥) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ١٩٤.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٩٨، و"زاد المسير" ٧/ ٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>