للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرضوان، وكانت بالحديبية تحت الشجرة، وكان المسلمون يومئذ ألفاً وأربعمائة رجل بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يقاتلوا ولا يفروا (١).

قوله تعالى: {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} لأن تلك البيعة طاعة لله وتقرباً إليه، باعوا أنفسهم من الله تعالى بالجنة كما ذكر في قوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} الآية [التوبة: ١١١] والعقد كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} قال أكثر المفسرين: يد الله بالوفاء لهم بما وعدهم من الخير فوق أيديهم بالوفاء والعهد حين بايعوك، وهذا قول ابن عباس ومقاتل (٢) واختيار الفراء (٣) ومعناه: الله أوفى منهم كما قال: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} [التوبة: ١١١].

وقال الكلبي: نعمة الله عليهم فوق ما صنعوا (٤)، واختاره الزجاج فقال: يد الله في المنة بالهداية فوق أيديهم في الطاعة (٥)، أي: إحسان الله تعالى إليهم بأن هداهم للإيمان أبلغ وأتم من إحسانهم إليك بالنصرة والبيعة.


(١) وهذا ثابت في الحديث الصحيح عند مسلم من حديث جابر، انظر: "صحيح مسلم" كتاب: الإمارة باب (١٨) استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة ٢/ ١٤٨٣، وانظر: "الطبري" ١٣/ ٧٦، "البغوي" ٧/ ٢٩٩، "تفسير الوسيط" ٤/ ١٣٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٦٦.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٠، "تفسير البغوي" وقد نسبه لابن عباس ٧/ ٣٠٠، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٢.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٦٥.
(٤) ذكر ذلك الثعلبي ١٠/ ١٣٥ ب، البغوي ٧/ ٣٠٠، والقرطبي ١٦/ ٢٦٧.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>