للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاتعظوا بذلك. وقد سبق الكلام في أصل معنى الاعتبار فيما تقدم (١).

٣ - قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} معنى الجلاء في اللغة: الخروج من الوطن والتحول منه، يقال منه: جلا القوم عن منازلهم. وتقول: أجليناهم عن بلادهم فجلوا (٢) كما قال الشاعر:

وأجلوا عن مساكن فارقوها ... كما جلت الفراخ من العشاش (٣)

يقول: لولا أن الله قضى عليهم أنهم يخرجون عن أوطانهم بالمدينة إلى الشام وخيبر.

قوله تعالى: {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} بالقتل والسبي، ولسلطكم عليهم كما فعل بقريظة (٤)، والمعنى: أنه رفع العذاب عنهم في الدنيا بالقتل وجعل عذابهم في الدنيا الجلاء {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} مع ما أحل بهم في الدنيا، وهذا معنى قول عامة المفسرين (٥).

٥ - قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} قال أبو عبيدة: اللينة: النخلة، ما لم تكن عجوة أو برنية، وأنشد لذي الرمة:

كأن قُتودي فوقَها عُشُّ طائر ... علي لينةٍ فرواء تهفو جنوبها (٦)


(١) انظر: "مفردات الراغب" ص ٣٢٠، و"اللسان" ٢/ ٦٦٨ (عبر).
(٢) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٥٦، و"غريب القرآن" لليزيدي ص ٣٧٣، و"تهذيب اللغة" ١/ ٤٨٨، و"اللسان" ١/ ٤٨٨ (جلل).
(٣) انظر: "الخزانة" ٩/ ٢٧١.
(٤) وهي الغزوة التي حكم فيها سعد بن معاذ بأن تقتل مقاتلتهم وأن تسبى ذراريهم، وأن تقسم أموالهم، وكانت بعد غزوة الأحزاب، وذلك لنقضهم العهد الذي بينهم وبين محمد -صلى الله عليه وسلم-، انظر: "تاريخ الطبري" ٢/ ٩٣ - ٩٨.
(٥) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٢٢، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٣٢.
(٦) والبيت في "الديوان" ٢/ ٦٩٩، و"تهذيب اللغة" ٤/ ١٢١، ورواية الديوان: على=

<<  <  ج: ص:  >  >>