للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في اليهود (١)، وقد قيل: إنها عامة في جميع الكفار.

وقوله تعالى: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُه} لا يَخلو معناه من أحد أمرين: إمَّا أن يكون المعنى: أحاطت بحسنته خطيئته، أي: أحبطتها من حيثُ كان المحِيط أكبر مِنَ المحاط به، فيكون كقوله: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [العنكبوت: ٥٤]، وقوله: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: ٢٩]، ويكون المعنى في (أحاطت به خطيئته): أهلكته، من قوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: ٦٦]، وقوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: ٢٢]، وقوله: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: ٤٢] وهذا كله في معنى البوار.

وقد يكون للإحاطة معنى ثالث، وهو العلم كقوله: {وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا} [الكهف: ٩١]. وقال: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: ٢٠].


= بالنار، والخطيئة هي الكفر، وممن قال به الحسن والسدي، وقواه ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٣٧٠ فقال: ولفظ الإحاطة يقوي هذا القول، وأصحاب القولين على أن الآية إنما هي في الكفار لا في العصاة؛ لأن الله توعد أهل هذه الآية بالخلود في النار، وهذا إنما يكون في حق الكفار فقط، قال الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٦٥: والمؤمنون لا يدخلون في حكم هذه الآية، لأن الله تعالى أوعد بالخلود في النار من أحاطت به خطيئته، وتقدمت منه سيئة هي الشرك، والمؤمن ومن عمل الكبائر فلم يوجد منه شرك. ولعل الذي دفع الواحدي لحكاية الإجماع الرد على من حمل الآية على عصاة المؤمنين كالمعتزلة والخوارج. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٤ - ٣٨٥، و"مجموع فتاوي ابن تيمية" ١٤/ ٤٨ وما بعدها، و"البحر المحيط" ١/ ٢٧٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١١٩، وكتاب "الإجماع في التفسير" ص ١٧٧.
(١) ذكر الإجماع على أنها في اليهود الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٦٢ قال: والإجماع أن هذا لليهود خاصة، لأنه عز وجل ذكرهم؛ والطبري في تفسيره لم يذكر سوى ذلك، وكأن المؤلف نقض الإجماع بقوله: وقد قيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>