للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ} قرئ بتخفيف الظاء وتشديدها (١)، فمن شدّد: أدغم التاء في الظاء لمقاربتها، ومن خفف حذف التاء التي أدغمها الآخرون، فكل وَاحِد من الفريقين كره اجتماع الأمثال والمقاربة، فبعضهم خفف بالحذف، وبعضهم بالإدغام (٢)، والمحذوفة هي التي تدغم، والمدغمة هي التي تحذف، وذلك أنها لما أُعِلّت بالإدغام أُعِلّت بالحذف.

قال سيبويه (٣): الثانية أولى بالحذف؛ لأنّهَا هي التي تُسَكن وتدغم، في نحو {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة: ٧٢] و {وَازَّيَّنَتْ} [يونس: ٢٤]. ومما يقوي ذلك: أن الأولى لمعنًى، فإذا حذفت لم يبق شيء يَدُلّ على المعنى، والثانية من جملةِ كلمةٍ إذا حذفتْ دل ما بقي من الكلمة عليها (٤). ومعنى تظاهرون تعاونون (٥)، ومنه قوله: {وَإِن تَظَاهَرَا عَليهِ} [التحريم: ٤]، وقوله: {سِحرَانِ تَظَاهَرَا} (٦) [القصص: ٤٨] أي: تعاونا (٧) على سحرهما، ومنه: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤]، أي: معين (٨). والتقدير فيه


(١) قرأ الكوفيون (عاصم، وحمزة والكسائي) بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد، ينظر: "السبعة" ص١٦٢ - ١٦٣و"النشر" ٢/ ٢١٨.
(٢) ينظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٦.
(٣) "الكتاب" ٢/ ٤٢٥ - ٤٢٦.
(٤) هذا كله كلام أبي علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٥) في (م): (تعارفون).
(٦) قرأ الكوفيون (سحران) من غير ألف، وقرأ الباقون (ساحران). ينظر "السبعة" "النشر" ٢/ ٣٤١.
(٧) في (م): (تعارفا).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>