للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به الاستقبال (١). قال أبو علي: وقد اتسعوا في إقامة أمثلة الأفعال، بعضها مقام بعض (٢)، من ذلك: إقامتهم مثال الأمر مقام الخبر، نحو قولهم: أكرِمْ بزيد وقوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ} [مريم:٣٨]، ومعنى هذا: كرُمَ زيد، وسمعوا (٣) وأبصروا، أي: صار زيد ذا كرم، وصار هؤلاء المستحقون لأن يمدحوا بهذا المدح ذوي (٤) أسماع وأبصار (٥).

ووقع مثال الأمر مقام الخبر، كما وقع مثال الخبر مقام الأمر في مثل: غفر الله لزيد، وقطع الله يده، وفي التنزيل: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣]. وقال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: ٢٣٤] (٦).

فكذلك تَتْلُوا في هذه الآية، يجوز أن تكون بمعنى (تلتْ) كهذه الأشياء التي أريتكها، وهذا وجه. وأما الوجه الآخر: فعلى أن يكون يفعل على بابه، لا تريد به فَعَل كما أردت في الأول، ولكن تجعله حكايةً للحال وإن كان ماضيًا، وهذا الوجه في السَّعَة والكثرة كالأول وأسوغ (٧)، كأنه حكى الفعل الذي كان يُحدّث به عنهم وهو للحال.

ونظير هذا قوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ} [البقرة:


(١) "الإغفال" ص ٣٢٣، ٣٢٤.
(٢) في "الإغفال": اتساعًا أشد مما قدمنا.
(٣) في "الإغفال" فمعنى هذا: أكْرم زيد وأسمعوا. وما في نسخة البسيط أصوب.
(٤) في نسخة "الإغفال" جاء النص مُحرّفًا: وصار هؤلاء المستحقون الآن يمدحون بهذا المدح، ويثنى عليهم بهذا الثناء دون أسماع وأبصار.
(٥) "الإغفال" ص ٣٢٦.
(٦) "الإغفال" ص ٣٢٧ وما بعدها. بتصرف كبير.
(٧) في "الإغفال": أو أسوغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>