للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيوطي في "الإتقان" بسنده مبدأ هذا الحوار الذي كان بين نافع وابن عباس، وسرد مسائل ابن الأزرق وأجوبة ابن عباس عنها، فقال: بينا عبدالله بن عباس جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه فقالا: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقه من كلام العرب؛ فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما، فقال نافع: أخبرني عن قول الله تعالا: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: ٣٧] قال: العزون: حلق الرفاق، قال: هل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:

فجاؤوا يهرعون إليه حتى ... يكونوا حول منبره عزينا؟

قال أخبرني عن قوله: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥]. قال: الوسيلة: الحاجة، قال وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عنترة وهو يقول:

إن الرجال لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحلي وتخضبي

إلى آخر المسائل وأجوبتها (١)، وهي تدل على قوة ابن عباس في معرفته بلغة العرب، وإلمامه بغريبها، إلى حد لم يصل إليه غيره، مما جعله - بحق إمام التفسير في عهد الصحابة، ومرجع المفسرين في الأعصر التالية للعصر الذي وجد فيه، وزعيم هذِه الناحية من التفسير على الخصوص، حتى لقد قيل في شأنه: إنه هو الذي أبدع الطريقة اللغوية


(١) "الإتقان" ١/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>