للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتفسير القرآن (١).

هذا وقد بين لنا ابن عباس -رضي الله عنه-، مبلغ الحاجة إلى هذه الناحية في التفسير، وحض عليها من أراد أن يتعرف غريب القرآن، فقد روى أبو بكر ابن الأنباري عنه أنه قال: الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه (٢).

وروى ابن الأنباري عنه أيضاً أنه قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب (٣).

فابن عباس -رضي الله عنه- كان يرى رأي عمر في ضرورة الرجوع إلى الشعر الجاهلي، للاستعانة به على فهم غريب القرآن، بل وكان أكثر الصحابة إلمامًا بهذِه الناحية وتطبيقًا لها.

وقد استمرت هذه الطريقة إلى عهد التابعين ومن يليهم، إلى أن حدثت خصومة بين متورعي الفقهاء وأهل اللغة، فأنكروا عليهم هذه الطريقة، وقالوا: إن فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلاً للقرآن (٤)، وقالوا: كيف يجوز أن يحتج بالشعر على القرآن وهو مذموم في القرآن والحديث.

والحق أن هذه الخصومة التي جدّت في الأجيال المتأخرة لم تقم على أساس، فالأمر ليس كما يزعمه أصحاب هذا الرأي، من جعل الشعر أصلاً للقرآن، بل هو في الواقع، بيان للحرف الغريب من القرآن بالشعر؛


(١) "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن" ص (٦٩).
(٢) "الإتقان" ١/ ١١٩.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ومن هؤلاء الإمام النيسابوري صاحب التفسير المشهور، فقد صرح بذلك في مقدمة "تفسيره" ١/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>