للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دقة في البحث، ليعرف الصحيح منها والسقيم، فإن ابن جريج لم يقصد الصحة فيما جمع، وإنما روى ما ذكر في كل آية من الصحيح والسقيم، فلم يتميز في روايته الصحيح من غيره، وقد روى عن ابن جريج هذا جماعة كثيرة، منهم بكر بن سهل الدمياطي، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن محمد، عن ابن جريج عن ابن عباس، ورواية بكر بن سهل أطول الروايات عن ابن جريج وفيها نظر.

ومنهم محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس، روى ثلاثة أجزاء كبار ومنهم الحجاج بن محمد عن ابن جريج، روى جزءًا وهو صحيح متفق عليه.

ولأجل هذا الاختلاف بين الطرق المأثورة عن ابن عباس فقد افترق المفسرون تجاه تفسيره إلى ثلاث فرق (١):

الأولى: أخذت بكل ما روي عنه، فوقعوا في كثير من المرويات الضعيفة والموضوعة، وعلى رأس القائمة في هذا الاتجاه: الثعلبي والمؤلف، وتبعهم على ذلك من اعتمد على تفاسيرهم وأكثر النقل عنهم.

والثانية: اقتصروا على رواية الصحيح دون غيره، لكنهم لم يرووا عنه إلا القليل، ومن أبرز هؤلاء: الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحهما.

والثالثة: تجنبوا الأحاديث الموضوعة؛ لشهرة رواتها من الكذابين، ولكنهم خلطوا بين الروايات الصحيحة والضعيفة، وهؤلاء هم أكثر المفسرين الذين اهتموا بنقل تفسير الصحابة والتابعين، كالإمام ابن جرير


= ينظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٤٩١، "تاريخ الإسلام" ٦/ ٩٦، "سير أعلام النبلاء" ٦/ ٣٢٥.
(١) ينظر هذا التفصيل في كتاب تفسير ابن عباس للدكتور الحميدي ١/ ٢٧ - ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>