للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ألقيت) كقولك: أسقطت، ولو كان منه زاد مفعول آخر في الكلام، ولم يحتج في تعديته إلى المفعول الثاني إلى حرف الجر في قولك: ألقيت متاعك بعضه على بعض، كما لم يحتج إليه في قولك: ضرب زيد عمرًا، وأضربته إياه، ونحو ذلك. فكذلك: وَلَّيْتُكَ قبلةً، من قولك: وَلِيتُ، كألقيت، من قولك: لَقِيتُ (١).

وقد جاءت هذه الكلمة مستعملة على خلاف المقابلة والمواجهة، وذلك نحو: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ} [البقرة: ٨٣] {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى} [يوسف: ٨٤] {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [البقرة: ٦٤] {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: ١] {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [النجم: ٢٩]، فهذه مع (٢) دخول الزيادةِ الفِعْلَ. وفي غير الزيادة قوله: {وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: ١٠]، وقوله: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥]، وقوله: {مُدْبِرِينَ} حال مؤكدة؛ لأن في {وَلَّيْتُمْ} دلالة على أنهم مدبرون، وهذا على نحوين: أما ما لحق التاءُ أولَّه، فإنه يجوز أن يكون من باب: تَحَوَّب (٣) وتأثم، إذا ترك الحُوب (٤) والإثم، فكذلك إذا ترك الجهة التي هي المقابلة. وأما الذي لا زيادة فيه، فيجوز أن تكون الكلمة استعملت على الشيء وعلى خلافه، كالحروف المروية في الأضداد، وقد روي في الأضداد: ولّى: إذا أقبل، وولّى: إذا أدبر (٥).


(١) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٣٠.
(٢) في (ش): فهذا (دخول).
(٣) في (أ)، (م): (تحرب).
(٤) في (أ)، (م): (الحرب).
(٥) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٣١ - ٢٣٢ بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>