للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن تعود الكناية إلى التولية (١)، لأن قوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} دل على المصدر، كما أن قوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آل عمران: ١٨٠] دل على البخل، فكنى عنه بقوله: {هُوَ خَيْرًا لَهُمْ}. والتولية وإن كان في لفظ المؤنث فهو مصدر، وحكى ابن الأنباري: أن أبا عمرو الدوري روى عن الكسائي: أن الهاء تعود على الشطر (٢)، والمعنى عنده: لَيَعْلَمُون أن شطره الذي تحولتم إليه هو الحق من ربهم (٣).

وقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} قال ابن عباس: يريد أنكم يا معشر المؤمنين تطلبون مرضاتي، وما أنا بغافل عن ثوابكم وجزائكم. وإن اليهود يطلبون سخطي، وما أنا بغافل عن خِزْيِهم في الدنيا والآخرة (٤)،

١٤٥ - وقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية، معنى (لئن): ما تستقبل، ومعنى (لو): ماض، وحقيقة معنى (لو): أنها يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، تقول: لو جئتني لأكرمتك، أي: لم تجئني، فلم أكرمك، فإنما امتنع إكرامي لامتناع مجيئك (٥). ومعنى إن {وَلَئِنْ}: أنه يقع بهما الشيء لوقوع غيره، تقول: إن تأتني أكرمْك، فالإكرام يقع بوقوع


(١) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٣، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٦ - ١٥٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٧.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠.
(٣) ينظر في الأقوال: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٣، "زاد المسير" ١/ ١٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠، "الدر المنثور" ١/ ٢٦٧ - ٢٦٩.
(٤) ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٦٣.
(٥) بمعناه من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، وينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٢٤, "المقتضب" للمبرد ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>