للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حب طاعته والانقياد لأمره، ليس معنى يتعلق بذات القديم سبحانه (١).

وقوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} جواب (لو) محذوف. وقد كَثُر في التنزيل حذفُ جواب (لو) كقوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} [الرعد: ٣١] {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [الأنعام: ٢٧] {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام: ٩٣].

قال أصحاب المعاني: وحذف جواب (لو) في مثل هذا الآي يكون أفحم وأبلغ؛ لذهاب المخاطب المتوعَّد إلى كلّ ضرب من الوعيد، ولو


(١) هذا من المؤلف تأويل يخالف ظواهر النصوص، جرى فيه على مذهب الأشاعرة الذين يجيزون إطلاق هذه اللفظة لكنهم يحيلون وقوعه، كما ذكر الرازي في "تفسيره" ٤/ ٢٠٥، فالمؤمنون يحبون الله لذاته، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} , وقال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} [المائدة: ٥٤].
قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" ١/ ١٦٥: وليس شيء يحب لذاته من كل وجه إلا الله عز وجل وحده، الذي لا تصلح الألوهية إلا له. وأما تقسيم المحبة والإرادة إلى نافعة وضارة، فهو باعتبار متعلقها ومحبوبها ومرادها، فإن كان المحبوب المراد هو الذي لا ينبغي أن يحب لذاته ويراد لذاته إلا هو، وهو المحبوب الأعلى الذي لا صلاح للعبد ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا بأن يكون هو وحده محبوبه ومراده وغاية مطلوبه، كانت محبته نافعة له. أما الأشاعرة فينفون المحبة بين الله وعبده؛ لأن العقل لا يدل عليها، وكل ما لا يدل العقل عليه فإن الله يجب أن ينزه عنه، وقالوا: إن المحبة لا تكون إلا بين متجانسين، فلا تكون بين رب ومخلوق، وهذه دعوى باطلة يكفي فيها المنع؛ لأن الأصل عدم ثبوت الدعوى، والواقع يدل على ثبوت المحبة بين غير المتجانسين، كما يحب آلاته وبعض بهائمه. علمًا بأن العقل قد دل على ذلك؛ فإثابة الطائعين ونصرهم وتأييدهم وإجابة دعائهم دليل على المحبة. وينظر: "شرح العقيدة الواسطية" للشيخ محمد العثيمين ص ١٩٦، "مختصر منهاج القاصدين" ٣٤٣ - ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>