للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإباحة إعانة له على فساده وظلمه، ولكن يتوب ويستبيح (١).

والثاني: أن هذا البغي والعدوان يرجعان إلى الأكل، ومعناه: غير آكلها تلذُّذًا من غير اضطرار، {وَلَا عَادٍ} ولا مجاوز ما يدفع به عن نفسه الجوع، وهذا قول السدي (٢).

وقال الحسن (٣)، وقتادة (٤)، والربيع (٥)، وابن زيد (٦): (غير باغ) بأكله من غير اضطرار، ولا (عاد) يتعدى الحلال إلى الحرام، فيأكلها وهو غني عنها. وعلى طريقة هؤلاء يُباح للعاصي بسفره تناول الميتة عند الضرورة، وهو مذهب أهل العراق (٧).

والتأويل الأول أولى؛ من حيث اللفظ والمعنى.


= وقال القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٢١٤ - معقبا على قول ابن العربي-: وعجبا ممن يبيح له ذلك مع التمادي على المعصية، وما أظن أحدا يقوله، فإن قاله فهو مخطئ قطعا، قلت: الصحيح خلاف هذا؛ فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال الله تعالى: {وَلَا تَقتُلُواْ أَنفُسَكُم}، وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان، وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار، إلا أن يعفو الله عنه.
(١) "الأم" ٢/ ٢٢٦، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٥٢.
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٨٨، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٤، ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) رواه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٦٥، والطبري ٢/ ٨٧
(٤) رواه عنه الطبري ٢/ ٨٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٨٥.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ٨٧، وذكره الثعلبي ١/ ١٣٥٣.
(٦) رواه عنه الطبري ٢/ ٨٧، وذكره الثعلبي ١/ ١٣٥٣.
(٧) يعني به الحنفية، ينظر: "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ١٥٦، وقد ناقش هذه القضية بتوسع وأجاب على أدلة المانعين، فلينظر: "أحكام القرآن" للتهانوي ١/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>