للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للجمع، فمن شرائط البر وتمام شرط البار أن يجتمع فيه هذه الأوصاف، ومن قام بواحدة منها لم يستحق الوصف بالبر، فلا يظنن ظان أن الموفي بعهده على انفراد هذا الوصف فيه من جملة من قام بالبر، وكذا الصابر في البأساء حتى يستكمل هذه الأوصاف، وقد تدخل الواو في الأوصاف لموصوف واحد بقوله:

إلى الملك القرم ......... (١)

البيت الذي أنشدناه آنفًا، دخلت الواو في هذه الأوصاف وهي لموصوف واحد. ولهذه النكتة اختلف السلف في هذه الآية، فقال بعضهم: هذه الصفة خاصة بالأنبياء؛ لأن غيرهم لا تجتمع فيه هذه الأوصاف كلها، وقال بعضهم: هذه عامة في جميع المؤمنين (٢).

١٧٨ - وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، كُتِبَ هاهنا، بمعنى: فُرض وأُوجب، كقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: ١٨٠]. وأصله: أن من أراد إحكام شيء والاستيثاق منه كَتَبَه؛ لئلا ينساه، فقيل في كل مفروضٍ واجب: كتب، بمعنى: أحكم ذلك. وقيل: أصلُه: ما كتبه الله في اللوح المحفوظ، ومن هذا قوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: ٢١]، أي: قضى الله ذُلك، وفَرَغَ منه، وحَكَم به، ومثله قوله: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} [الحشر: ٣]، أي: حكم بإخراجهم من دورهم، وقوله: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: ٥١]، وقوله: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ


(١) تقدم تخريج البيت.
(٢) نقله بتمامه الرازي في "تفسيره" ٥/ ٤٥ وصرح فيه بالنقل عن الواحدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>