للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو إسحاق: التقدير فالذي ينوب عن صومِهِ عِدة (١). والعِدَّةُ: فِعْلَة من العَدِّ، وهو بمعنى المعدودة، كالطِّحْن بمعنى المطحون، ومنه يُقَالُ للجماعة المعدودة من الناس: عِدَّة، وعِدّة المرأة من هذا (٢).

وقوله تعالى: {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أراد غير أيام مرضه أو سفره (٣). و (أُخَر) لا ينصرف؛ لأنها جمع أُخرى تأنيث آخر، وآخَرَ على وزن أفعل، وما كان على وزن أفعل فإنه يُستَعمل مع مِنْ أو بالألف واللام، فيقالُ: زيدٌ أفضل من عمرو، وزيد الأفضل، والألف واللام مُعاقبة لـ (مِن) في باب أفعل، فكان القياس يُوجب أن يقال: زيد آخر من عمرو، كما يقال: أقدم من عمرو، إلا أنهم حذفوا (من) من آخر؛ لأن لفظه اقتضى معنى مِنْ، فأسقطوا (مِنْ) اكتفاء بدلالة اللفظ عليه، والألف واللام تعاقب (مِنْ)، فلما جاز استعماله بغير الألف اللام صار آخر وأُخر وأُخْرى معدولة عن حكم نظائرها؛ لأن الألف واللام استعملتا فيها، ثم حُذفتا.

فإن قيل: الخروج عن النظائر يُوجب للاسم البناء، فهلا بُني آخر وأُخرى وأخَرُ؟ قيل: إنها وإن خرجت عن حكم نظائرها فليس هو خروجًا مُبَاينًا لما عليه الأسماء، وإنما هو خروج عن حكم تعريف إلى تنكير، وأكثر الأسماء يلحقها التعريف والتنكير، فلم يكن لهذه المخالفة قوةٌ توجب البناء، إلا أنه قد نقصت بهذا العدل لها درجة عن حكم أخواتها، فجعل هذا العدل لها من أقسام العلل المانعة للصرف، فاجتمع فيها في حال


(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٢.
(٢) ينظر: "المفردات" ص ٣٢٧، "البحر المحيط" ٢/ ٣٢ - ٣٣،"لسان العرب" ٥/ ٢٨٣٢ - ٢٨٣٦ (عدد).
(٣) "تفسير الطبري" ٢/ ١٣٢، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>