للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو علي: ولا يمتنع (١) أن يكون دخول الفاء لمعنى الجزاء؛ لأن شهر رمضان وإن كان معرفة فليس معرفة (٢) بعينه (٣)، ألا ترى أنه شائع في جميع هذا القبيل، لايراد به واحدٌ بعينه، فلا يمتنع من أجل ذلك من معنى الجزاء، كما يمتنع ما يشار به إلى واحد مخصوص، ومن ثم لم يمتنع ذلك في صفة الموت في قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ} [الجمعة: ٨]، لأن الموت ليس يراد به موتٌ بعينه، إنما يراد به الشِّيَاع ومعنى الجنس وخلاف الخصوص، والجزاءُ بوجبُ الشِّياع والإبهام واستغراق الجميع، ويكون التقدير فيه: الذي أنزل فيه القرآن من هذه الشهور التي سمي الواحد منها رمضان فمن شهده فليصمه (٤).

وقوله تعالى: {شَهِدَ} أي: حضر. ومعنى الشهود في اللغة: الحضور (٥)، ومفعول شهد محذوف؛ لأن المعنى: فمن {شَهِدَ} منكم البلد أو بيته، يعنى: لم يكن مُسَافرًا (٦).


(١) في (ش): (لا يمتنع).
(٢) ليست في (أ) و (م).
(٣) في (ش): (معينة).
(٤) ينظر: "التفسير الكبير" ٥/ ٨٨، قال: وأقول: يمكن أن يقال الفاء هاهنا للجزاء، فإنه تعالى لما بين كون رمضان مختصًا بالفضيلة العظيمة التي لا يشاركه سائر الشهور فيها، فبين أن اختصاصه بتلك الفضيلة يناسب اختصاصه بهذه العبادة، ولولا ذلك لما كان لتقديم بيان تلك الفضيلة هاهنا وجه، كأنه قيل: لما علم اختصاص هذا الشهر بهذه الفضيلة فأنتم أيضا خصوه بهذه العبادة.
(٥) ينظر: "التبيان" ص ١١٥، "البحر المحيط" ٢/ ٤١.
(٦) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>