للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر، ويأخذ بأقوال المتكلمين في باب العقائد.

ومن الأمثلة على إفادة الواحدي من الطبري ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٣] ذكر القراءات في {مَالِكِ} وقال: واحتج محمد بن جرير لهذِه القراءة فقال: إن الله نبه على أنه مالكهم بقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] فَحَمل قوله: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) على وصف زائد أحسن" (١)، ثم قال في موضع آخر: " ... ومن نصر هذه القراءة -يريد القراءة بمالك- أجاب ابن جرير بأن قال: ما ذكرت لا يرجح قراءة (ملك) لأن في التنزيل أشياء على هذه الصورة قد تقدمها العام، وذكر بعده الخاص كقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)} [العلق: ١ - ٢] وقوِله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣] ثم قال: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: ٤] في أمثال كثيرة لهذا".

ومثال آخر للواحدي الناقد الفاحص للأقوال المميز لها، نقل عن ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [البقرة: ١٠].

قال: وقال ابن جرير: معناه: في اعتقاداتهم مرض، أي: شك وشبه، فاستغنى بذكر القلوب عن ذكر الاعتقادات؛ لأن محلها القلوب كقولهم: "يا خيل الله اركبي".

ثم قال الواحدي: "وليس الأمر على ما قال؛ لأن الشك في القلب على الحقيقة فأي فائدة لتقدير الاعتقاد هاهنا، ولأن الشك ينافي الاعتقاد وهم ليسوا معتقدين إذا كانوا شاكين" (٢).

وما نقلناه على سبيل المثال لا على الحصر؛ لأن البسيط مليء


(١) انظر: "البسيط" تفسير الفاتحة الآية: ٣، الطبري١/ ١٥٠، نقله الواحدي بمعناه.
(٢) انظر: "البسيط" تفسير البقرة، آية: ١٠، الطبري ١/ ٢٧٨ نقل المؤلف كلامه بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>