للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} قال ابن عباس: يريد فيما افترضه عليكم {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} لمن تهاون بحدوده (١).

١٩٧ - قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} تقدير الآية عند النحويين على وجهين:

أحدهما: أن التقدير: أشهُر الحج أشهر معلومات، ليكون (٢) الثاني الأول في المعنى، فحذف المضاف (٣).

والثاني: أنّ التقدير: الحجُّ حجُّ أشهر مَعْلومات، أي: لا حج إلا في هذه الأشهر، ولا يجوز في غيرها، كما كان يفعله أهل الجاهلية، يستجيزونها في غيرها من الأشهر، فحذف المصدر المضاف إلى الأشهر. ويمكن تصحيحُ الآيةِ من غير إضمار، وهو أنه جعل الأشهر الحج لمَّا كان الحج فيها، كقولهم: ليل نائم، لما (٤) كان النوم فيه جعل نائمًا، كذلك ها هنا، اتسع في الأشهر وأخرجت عن الظرف، كقوله تعالى: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه: ٥٩]، ألا تَرَى أن الحجَّ في الأشهر، كما أن الموعدَ في اليوم، إلا أنه اتسع فيه، فجعل الأول لما كان فيه، كذلك جعل الحج الأشهر على الاتساع، لكونه فيها وكثرته من الفاعلين له (٥)، كما جَعَلتِ الخَنْساءُ الوحشيةَ إقبالًا وإدبارًا لكثرتهما منها في قولها:


(١) المصدر السابق.
(٢) في (ش) (أي ليكون).
(٣) قال مكي في "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٢٣: ولولا هذا الإضمار لكان القياس نصب (أشهر) على الظرف، كما تقول: القتال اليوم، والخروج الساعةَ.
(٤) في (ش) ولما.
(٥) ليست في (أ) ولا (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>