للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خطوات الشيطان إلا العذاب يوم القيامة، يريد: أنه لا ثواب لهم، فلا ينتظرون إلا العذاب (١).

فإن قيل: إنهم لا ينتظرون العذاب، ولو انتظروا العذاب لدخلوا في السلم كافة؟ قيل: انتظارهم العذاب يكون في الآخرة، يوم القيامة يعلمون أنهم لا ثواب لهم فلا ينتظرون إلا العذاب، أو نقول: قد ذكرنا أن هذا استفهام معناه النفي، بمعنى: ما ينتظرون، ويكون هذا خبرًا بمعنى النهي، أي: لا تنتظروا بعد تكذيب محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا العذاب، وذكرنا عن صاحب النظم وجهًا آخر في نظير هذه الآية في سورة النحل.

وفي قوله تعالى {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} وجهان: أحدهما: أن هذا من بابِ المضاف، أذ يأتيهم عذابُ الله، أو أمرُ الله، أو آياتُ الله، فجعل مجيء الآيات والعذاب مجيئًا له، تفخيمًا لأن العذاب وتعظيمًا له.

والثاني: أن المعنى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب، فحذف ما يأتي به تهويلًا عليهم، إذ لو ذكر ما يأتي به كان أسهل عليهم في باب الوعيد، وإذا لم يذكرْ كان أبلغ لانقسام


(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٢٩ - ٣٣٠، "تفسير البغوي" ١/ ٢٤١، "تفسير ابن كثير" ١/ ٢٦٦، وقد رد الطبري رحمه الله ٢/ ٣٣١ قول قتادة في تأويله: والملائكة، أنه يعني به الملائكة تأتيهم عند الموت، بدلالة بعض الأحاديث الواردة التي تدل على أن إتيانهم إنما يكون بعد قيام الساعة في موقف الحساب حين تشقق، وبمثل ذلك روي الخبر عن جماعة من الصحابة والتابعين. اهـ-. وإذا كان قول قتادة مردودا بذلك فمن باب أولى ما روي عن بعضهم: أن هذا الوعيد إنما هو في الدنيا. ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>