للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أضر بهم فوقع أكثر أصحاب طالوت في النهر، وأكثروا الشرب، وأطاع قوم قليل عددهم، فلم يزيدوا على الاغتراف، فأما من اغترف كما أمره الله تعالى: قوي قلبه، وصحَّ إيمانه، وعبر النَّهْرَ سالمًا، وكَفَتْه تلك الغرفة الواحدة لشربه ودوابه، والذين شربوا وخالفوا أمر الله عز وجل اسودَّت شفاهُهم، وغلبهم العطش فلم يرووا، وبقوا على شاطئ النهر، وجبنوا عن لقاء العدو (١)، ولم يشهدوا الفتح (٢).

قالوا: وتلك الغرفة المباحة لم تكن ملء الكف، ولكن المراد بالغرفة أن يغترف مرةً واحدةً بقربةٍ أو جرةٍ وما أشبه ذلك، تكفيه وتكفي دابته، غير أن العصاة انغمسوا في النهر ولم يغترفوا، بل شربوا منه وسقوا دوابهم. وأولئك القليل، الذين لزموا الاغتراف، كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، في أصح الأقاويل (٣)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه يوم بدر: "أنتم اليوم على عدة أصحاب طالوت حين عبروا النهر، وما جاز معه إلا مؤمن"، قال البراء بن عازب: وكنا يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا (٤).

وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} يقال: جاوزتُ المكان والطريق مجاوزةً وجوازًا، وكذلك جُزْتُ الطريق، فأنا (٥) أجوزه جَوازًا ومجَازًا وجُؤُوزًا، وأَجَزْتُ أيضًا مثل جُزْتُ، قال امرؤ القيس:


(١) قوله: (عن لقاء العدو). ساقط من (ي) وفي (ش): (جبنوا من لقاء العدو).
(٢) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٣٦٩، الفخر الرازي في "تفسيره" ٦/ ١٨٢
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٦٢١، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٤٧٥، والثعلبي ٢/ ١٣٦٨.
(٤) رواه البخاري ٣٩٥٦ - ٣٩٥٩ كتاب: المغازي، باب: عدة أصحاب بدر عن البراء ابن عازب.
(٥) في (ي): (وأنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>