للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا القول هم محصرون بذهاب النفقة وعدم الرِكاب.

وقوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} يقال: ضَربْتُ في الأرض ضَرْبًا ومضربًا، إذا سرت فيها. قال الشاعر:

لَحِفْظُ المَالِ أَيْسَرُ من بُغَاه ... وضربٍ في البلادِ بِغَيْرِ زَادِ (١)

والضرب يقع على معان كثيرة (٢)، وهؤلاء إنما لا يستطيعون الضرب في الأرض، لأن الفقر منعهم عن جهاد العدو، على قول ابن عباس، والضرب في الأرض على هذا السفر للجهاد، وهم لا يستطيعون ذلك للفقر، وعلى قول سعيد للزمانة لا يمكنهم السفر، وعلى قول ابن زيد، إشفاقًا على أنفسهم من الاغتيال وإيقاع المكروه بهم لا يمكنهم السفر، وعلى قول قتادة، لا يستطيعون ضربًا لأنهم قد ألزموا أنفسهم أمر الجهاد، فمنعهم ذلك من ليس أنهم لا يقدرون أن يتصرفوا، وهذا كقولك: أمرني الوالي أن أقيم فما أقدر أن أخرج، فالمعنى: أني قد ألزمت نفسي طاعته، لا أنه لا يقدر على الحركة وهو صحيح سَوِيّ.

وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ} يقال: حَسِبْتُ الشيءَ أَحْسَبُهُ وأَحْسِبُه حُسْبَانًا، وقرئ في القرآن ما كان من (٣) الحسبان باللغتين جميعًا،


(١) البيت للمتلمس جرير بن عبد المسيح في "ديوانه" ص ١٧٢ وقبله:
قليل المال تُصْلِحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
وينظر "الشعر والشعراء" لابن قتيبة ص ١٠٢، "الأغاني" ٢٣/ ٥٧٠، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٦٦، "فصل المقال في شرح كتاب الأمثال" ١/ ٢٨٣.
(٢) ينظر في ضرب: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٠٣ - ٢١٠٦، "المفردات" ص ٢٩٨، "اللسان" ٥/ ٢٥٦٥ - ٢٥٧٠. قال الراغب: الضرب: إيقاع شيء على شيء، ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها.
(٣) من سقطت من (ش) وفي (ي): (في).

<<  <  ج: ص:  >  >>