للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ} قال ابن عباس (١) وجميع أهل التفسير والمعاني: تَضلّ: تنسى، والضلال يكون بمعنى النسيان؛ لأن الناسي للشيء عادل عنه وعن ذكره، قال الله عز وجل: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: ٢٠] أي: الناسين الذين ضلوا وجه الأمر، ومن هذا قولهم: ضَلِلْتُ الطريق والدار أَضِلُّه ضلالًا: إذا لم تدر أين هو (٢)، قال الفرزدق:

ولَقَدْ ضَلَلْتَ أباَكَ يَدْعُو دَارِمًا ... كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَرِيقَ وَبَارِ (٣)

وقال أبو عمرو: أصل الضلال في اللغة: الغيبوبة (٤).

وقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} أي: تغيب عن حفظِها، أو يغيب حفظُها عنها، وإحدى: تأنيث الواحد.

قال أبو علي: أنثوه على غير بنائه، و (إحدى) لا تستعمل إلّا مضمومة إلى غيرها ومضافة، لا يقولون: رأيت إحدى، ولا جاءني إحدى. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: (٥) يقال: أحد في جمع إحدى. يقال: فلان إحدى الإحد، وأحَدُ الأَحَدِيْن، وواحِدُ الآحَاد، كما يقال: واحد لا


(١) ذكره في "زاد المسير" ١/ ٣٣٨.
(٢) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٢٩ - ٢١٣١ (مادة: ضلّ)، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٨٠٥، "المفردات" ٣٠٠ - ٣٠٢، وأطال النفس في ذكر أنواعه، "لسان العرب" ٥/ ٢٦٠١ - ٢٦٠٤ (مادة: ضلل)، وفيه قال أبو عمرو بن العلاء: إذا لم تعرف المكان قلت: ضلَلته، وإذا سقط من يدك شيء قلت: أضللته، يعني: أن المكان لا يضل وإنما أنت تضل عنه.
(٣) البيت من الكامل، وهو للفرزدق في "ديوانه" ص ٤٥٠، "لسان العرب" ٥/ ٢٦٠١ مادة: (ضلل).
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٣٠ (مادة: ضل).
(٥) في "الحجة": (وقال أحمد بن يحيى) ولم يروه عن ابن الأعرابي كما هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>