للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصره، وذلك لأن الصحابة الذين نزل القرآن فيهم، كانوا عربًا أولي بيان فاضل، وقد بين لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحتاجون من مجمل الكتاب فيقول: "فاستغنوا بذلك عما نحن إليه محتاجون من معرفة لغات العرب .. "، ثم يبين أن المفسر يحتاج مع تعلم اللغة، إلى السنن المبينة لمجمل الكتاب فيقول -ناقلًا عن مقدمة "تهذيب اللغة"-: "فعلينا أن نجتهد في تعلم ما يتوصل بتعلمه إلى معرفة ضروب خطاب الكتاب، ثم السنن المبينة لمجمل التنزيل الموضحة للتأويل، لتنتفي عنا الشبه التي دخلت على كثير من رؤساء أهل الزيغ والإلحاد، ثم على رؤوس ذوي الأهواء والبدع، الذين تأولوا بآرائهم المدخولة فأخطأوا، وتكلموا في كتاب الله -عز وجل- بلكنتهم العجمية دون معرفة ثاقبة فضلوا وأضلوا .. " (١) فبين بهذا أهمية اللغة والسنة لبيان القرآن، وخطر التصدي لتفسيره دون المعرفة الثاقبة بهما. ثم ذكر حث السلف على تعلم اللغة وترغيبهم في ذلك فقال: "وقد كان الأكابر من السلف يحثون على تعلم لغة العرب، ويرغبون فيها لما يعلمون من فضائلها وفرط الحاجة إليها .. "، ثم أورد بعض الأحاديث والآثار في بيان قيمة الأدب والحث على تعلمه وتعلم اللغة، وختم حديثه عن أهمية اللغة والأدب للتفسير فقال: "وكيف يتأتى لمن جهل لسان العرب أن يعرف تفسير كتاب جعل معجزة -في فصاحة ألفاظه وبعد أغراضه- لخاتم النبيين وسيد المرسلين -صلى الله عليه وعلى آله الطيبين- في زمان أهلُه يتحلون بالفصاحة ويتحدون بحسن الخطاب وشرف العبارة، وإن مثل من طلب ذلك مثل من شهد الهيجاء بلا سلاح، ورام أن يصعد الهواء بلا جناح".


(١) وقد نقله الواحدي عن مقدمة "تهذيب اللغة" بدون عزو.

<<  <  ج: ص:  >  >>