للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المخلوقين: خِبٌّ (١) وخِداعٌ، وهو مِنَ الله: استدراجه العِبادَ. قال الله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).

قال ابن عباس في تفسيره (٣): كلَّما أحدثوا خطيئةً، جدَّدْنا (٤) لهم نعمةً. وليس المراد بـ (مَكْرِ اللهِ) في هذه الآية، هذا الوجه. ووجه (مكرِ اللهِ) بهم في هذه القصَّة، ما قال الزجاج، وهو أنه قال (٥): المكر من الله عز وجل: المجازاة على ذلك، فسُمِّي باسمه، كقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}، وقد مرَّ (٦)


(١) في (د): (خبث). (الخِبُّ) بكسر الخاء: الخِداع، والخُبْثُ، والغِشُّ. و (الخَبُّ) بفتح الخاء، وقد تكسر: الخدَّاع، الذي يسعى بين الناس بالفساد، والفعل منه: (خَبَّ)؛ أي: خَدَعَ وغشَّ غشًا منكرًا، و (خبَّبَهُ تخبيبًا): خدعه وأفسده. انظر (مادة: خبب) في "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث": ١/ ٥٤١، "القاموس" ٧٧.
(٢) سورة الأعراف: ١٨٢، والقلم: ٤٤.
(٣) في (ج): (تفسير). وقوله أورده الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ٥٧ أ، وذكره المؤلف في تفسيره "البسيط"، تح (د). الفوزان) ٢/ ٥٤١، والقرطبي في "تفسيره" ٤/ ٩٨.
(٤) في (ج): (حددنا).
(٥) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤١٩، نقله عنه باختصار.
(٦) انظر: "تفسير البسيط" للمؤلف: [البقرة: ١٥]. والواحديُّ عند تفسيره لهذه الآية أوَّلَ الاستهزاء الوارد في الآية بالمجازاة؛ أي: يجازيهم جزاء استهزائهم، وأجراه على المجاز، لا على الحقيقة، وما ذكره المؤلف حول معنى الاستهزاء، والمكر الوارد في هذه الآيات إنما هو من لوازم معانيها، والواجب في مثل هذه الألفاظ الاستهزاء، والمكر، والخديعة، والسخرية الواجب فيها أن تُثبت على الحقيقة، كما أثبتها الله لنفسه، دون تأويل. وتُجرى وفق ما يليق به تعالى ولكن لا يُشتَق من هذه الأفعال التي أطلقها الله على نفسه أسماءٌ منها، فلا يقال: ماكر، ولا مستهزيء، حاشاه عن ذلك؛ وذلك أن هذه الأفعال في إطلاقاتها، أوسع من=

<<  <  ج: ص:  >  >>