للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقول: بالنسبة للأمر الأول، وهو أنه اعتمد ذكر علل القراءات، فإنه التزم ذلك غالبًا، والقارئ لكتاب "البسيط" يلحظ في كلامه على القراءات أنه يعتمد كثيرًا ذكر علل القراءات وتوجيهها أكثر مما يعتمد ذكر القراءات نفسها، بل قد أطال في هذا الجانب إلى حد يعتبر خروجًا عن القدر اللازم في كتاب "التفسير".

لقد ألف أبو علي الفارسي كتابًا مستقلًا للاحتجاج للقراءات وذكر فيه من وجوه اللغة والنحو والتصريف ما عده المتخصصون خروجًا عن القدر اللازم، ومما أضفى على الكتاب شيئًا من صعوبة العبارة والغموض، قال أبو الفتح بن جني -تلميذ أبي علي الفارسي-: وقد كان شيخنا أبو علي عمل كتاب "الحجة في قراءة السبعة" فأغمضه وأطال حتى منع كثيرًا -ممن يدعي العربية فضلًا عن القَرَاءة- منه وأجفاهم عنه (١).

هذا مع أن كتاب أبي علي مؤلَّف أصلًا للاحتجاج للقراءات. فما الظن بكتاب تفسير ينقل فيه تلك المباحث الطويلة. ليت الواحدي -مع قدرته البارعة على انتقاء النصوص وحسن سبكها- اختصر تلك المباحث بعبارة أكثر إيجازًا حتى يفيد القارئ، ويخرج به عن الملالة كما شرط ذلك على نفسه في مقدمة كتابه.

إذًا فجانب توجيه القراءات في كتاب "البسيط" قد توسع فيه الواحدي وأطال كثيرًا واعتمد في أغلبها، إن لم يكن في كلها على كتاب "الحجة" لأبي علي الفارسي، فما يقال عن كتاب "الحجة" لأبي علي الفارسي يسري على كتاب "البسيط" في مجال توجيه القراءات.


(١) "المحتسب" ١/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>