للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلب المطبوع على قلبه.

ثم ينقض عليهم ناقضًا حجتهم معتمدًا على اللغة التي نزل بها القرآن؛ ليبين بطلان مأخذهم من اللغة فيقول: وهذا باطل؛ لأن الختم في اللغة ليس هو الإعلام، ولا يقال ختمت على الشيء بمعنى أعلمت عليه، ومن حمل الختم على الإعلام فقد تشهى على أهل اللغة، وجر كلامهم إلى موافقة عقيدته.

وفي موضع آخر يرد على المعتزلة والقدرية دون تسميتهم، وذلك في تفسير قوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة: ٢٦] يقول: ولا يجوز أن يكون معنى الإضلال الحكم والتسمية؛ لأن أحدنا إذا حكم بضلالة إنسان لا يقال: أضله، وهذا لا يعرفه أهل اللغة (١).

ومثال آخر يرد فيه المعتزلة دون تسميتهم عند تفسير قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥] يقول: "والمراد بقوله: {الْجَنَّةَ} جنة الخلد من قبل أن التعريف فيها بالألف واللام يجعلها كالعلم على جنة الخلد، فلا يجوز العدول عنها بغير دلالة، ألا ترى أنك لو قلت: نسأل الله الجنة، لم يكن ذلك إلى جنة الخلد.

فيقرر أنها جنة الخلد، ويرد على من قال غير ذلك بدون تصريح بالقائل ولا بمقالته. ومشهور مذهب المعتزلة أنها جنة في الدنيا (٢)، فهو يرد عليهم تلك المقالة.


(١) وإلى نحو هذا ذهب الزمخشري ورد عليه صاحب "الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال". انظر: "الكشاف" ومعه "الإنصاف" ١/ ٢٦٧.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ٦٠ أ، وابن عطية ١/ ١٢٨، والقرطبي ١/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>