للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقعها من الكلام، ولذلك لابد للمفسر من معرفة ذلك (١)، وعناية الواحدي بها بارزة في تفسير "البسيط" فلا يمر شيء من الحروف والأدوات إلا ويبسط القول فيها عن تركيبها، وعن استعمالها، واختلاف مدلولاتها بحسب الاستعمال. ومن الأمثلة على ذلك ما سبق قريبا عن "الباء" و"من" و"بين" و"الآن"، ومن الأمثلة الأخرى ما ذكره عن "لم" و"لن" عند تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: ٢٤] قال: "لم" حرف يجزم الفعل المضارع، ويقع بعدها بمعنى الماضي كما يقع الماضي بعد حرف الجزاء بمعنى الاستقبال، ولهذه المشابهة بينها وبين حروف الجزاء اختير الجزم بـ"لم" .. ثم قال: وأما "لن" فهي حرف قائم بنفسه، وضع لنفي الفعل المستقبل، ونصبه للفعل كنصب "أن" وليس ما بعد "لن" بصلة لها، لأن "لن يفعل" نفي سيفعل، وتعمل ما بعدها فيما قبلها كقولك زيدًا لن أضرب ... واستمر في بيان أقوال النحويين في أصل "لن".

وقد اعتمد الواحدي في المسائل النحوية كثيرًا على كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح بن جني، و"معاني القرآن" للفراء وللزجاج، وكتاب "الإغفال" و"الحجة" لأبي علي الفارسي، وعلى أقوال ابن الأنباري.

وكان اعتماده على كتاب "سر صناعة الإعراب" كبيرًا نقل منه مسائل طويلة بنصها، وعندما قام صاحب كتاب "الواحدي ومنهجه في التفسير" بدراسة الجانب النحوي في التفسير عند الواحدي اختار نصين من "البسيط" أحدهما عن "الباء"، والثاني عن "أل" وبنى عليهما دراسته لمنهجه النحوي، وكأن الكلام للواحدي، مع أن هذين النصين منقولان بطولهما من


(١) انظر: "البرهان" ١/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>