للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} يعنى: أنَّ عائِدَ الوَبَالِ في ذلك عليهم، لا على غيرهم. وقال عطاء (١): يريد: لن يضروا أولياءَ اللهِ شيئا.

وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} يعنى: نصيبًا في المجنة. وفي هذا رَدٌّ على القَدَرِيّة، وبيان أنَ الخيرَ والشرَّ بإرادة الله -جلَّ وعزَّ- (٢).


(١) لم أقف على مصدر قوله. وقد ذكره ابن الجوزي في "الزاد" ١/ ٥٠٨.
(٢) إنَّ الله -تعالى- خالق الخير والشر، ولكنَّ الشرَّ في بعض مخلوقاته، وليس في خلق الله وفعله؛ لأن خلقَ الله وفعلَه، وقضاءَهُ وقَدَرَه، خيرٌ كلُّه؛ لأنه -تعالى- وضع الأمور في مواضعها، وذلك هو الخير والعدل، أما الشر؛ فهو: وضع الأمور في غير مواضعها، وذلك هو الظُّلْم، واللهُ مُنَزّهٌ عن الظلم. فأفعاله كلها تدور بين العدل والفضل والحكمة والمصلحة، ولا تخرج عن ذلك، فالله -تعالى- لا ينسب إليه الشرُّ، بل ينسب إليه الخير، وإنما صار الشرُّ شرًا، لانقطاع نسبته واضافته إلى الله تعالى، وفي الحديث: (.. والخير كله في يديك، والشر ليس إليك ..).
أخرجه النسائي في "السنن" ٢/ ١٣٠ كتاب الصلاة. باب: الدعاء بين التكبيرة والقراءة.
فلو أضيف إليه، لم يكن شرًّا. انظر: "شفاء العليل" لابن القيم ١٧٩. وقال: (فإن قلت: لِمَ خَلَقَه وهو شر؟ قلت: خَلْقُهُ له وفِعْلُه، خيرٌ لا شرٌّ، فإن الخلق والفعل قائمٌ به -سبحانه-، والشر يستحيل قيامه به واتصافه به. وما كان في المخلوق من شر، فلعدم إضافته ونسبته إليه، والفعل والخَلْق يضاف إليه، فكان خيرًا، والذي شاءه كله خير، والذي لم يشأ وجوده بقي على العدم الأصلي، وهو الشر، فإن الشر كلَّه عَدَمٌ، وإنْ سبّبَه جهل وهو: عدم العِلْم، وظلمٌ وهو: عدم العدل. وما يترتب على ذلك من الآلام فهو من عدم استعداد المحل، وقبوله لأسباب الخيرات واللذات) ١٨١ المصدر السابق، وانظر: "شرح العقيدة الطحاوية" (٤٥٣) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>